شرح كتاب الحج من صحيح مسلم (08)
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
بقي في درس الأمس من حديث عائشة -رضي الله عنها- يقول الإمام -رحمه الله تعالى-:
وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة قال: حدثنا عبدة بن سليمان عن هشام عن أبيه عن عائشة -رضي الله عنها- قالت: "خرجنا مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في حجة الوداع موافين لهلال ذي الحجة": خرجنا مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في حجة الوداع موافين لهلال ذي الحجة: يعني قرب هلال ذي الحجة، وإنما خرجوا لخمس بقين من شهر القعدة.
قالت: فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «من أراد منكم أن يهل بعمرة فليهل، فلولا أني أهديت لأهللت بعمرة»، قالت: فكان من القوم من أهلَّ بعمرة، ومنهم من أهل بالحج، قالت: "فكنت أنا ممن أهل بعمرة": يعني في أول الأمر أهلَّت بعمرة، ثم لما خشيت فوات الحج أمرها النبي -عليه الصلاة والسلام- بإدخال الحج على العمرة؛ خشية أن يدخل عليها وقت الحج ولم تتمكن من أداء العمرة، أدخلت الحج على العمرة فصارت قارنة، كما تقدم ذكره مراراً.
تقول: "فخرجنا حتى قدمنا مكة، فأدركني يوم عرفة وأنا حائض لم أحلَّ من عمرتي، فشكوت ذلك إلى النبي -عليه الصلاة والسلام- فقال: «دعي عمرتك»: يعني العمرة المستقلة بأفعالها الكاملة.
«وانقضي شعرك وامتشطي وأهلي بالحج»، قالت: ففعلت، فلما كانت ليلة الحصْبة: يعني بعد فراغهم من المبيت بمنى والرمي.
وقد قضى الله حجنا، أرسل معي عبد الرحمن بن أبي بكر، فأردفني وخرج بي إلى التنعيم، فأهللت بعمرة، فقضى الله حجنا وعمرتنا: هذا كله مما تقدم، لكن يبقى: "ولم يكن في ذلك هدي ولا صدقة ولا صوم": ولم يكن في ذلك هدي ولا صدقة ولا صوم: هذا من كلام عائشة، ويأتي في الخبر الذي يليه أنه من كلام هشام، قال هشام: "ولم يكن في ذلك هدي ولا صيام ولا صدقة": وسواء كان من قول عائشة -رضي الله عنها- أو من قول هشام، يعني هذا على حسب علمها وإلا فقد أهدى النبي -عليه الصلاة والسلام- عن نسائه البقر -على ما سيأتي- والقارن يلزمه الهدي وهي قارنة، هذا إذا قلنا: إنها تنفي وجود الهدي -هدي القران- نقول: هذا على حسب علمها، أو على حسب علم هشام -على ما سيأتي- والذي يظهر أنها لا تريد نفي هدي القران، وإنما تريد أنه لم يترتب على فعلها من إدخال الحج على العمرة ارتكاب محظور يقتضي هدياً ولا صدقة ولا صوماً، وأما هدي القران فهو ثابت؛ هدي المتعة والقران لا بد منه، وهنا تقول: "ولم يكن في ذلك هدي ولا صدقة ولا صوم": كأنها تشير إلى أنها لم ترتكب محظوراً في إدخالها الحج على العمرة، ولا يلزمها شيء بسبب ترك العمرة غير ما يجب بسبب القران، ولذلك لم تقتصر على قولها: "ولم يكن في ذلك هدي": فيه هدي -هدي القِران- لكن لما قالت: "ولم يكن في ذلك هدي ولا صدقة ولا صوم" دل على أنها تريد نفي ما يترتب على فعل المحظور، وأنها لم تفعل محظوراً، ولذا لم يترتب على ذلك فدية، فدية ارتكاب محظور.
يقول: "وحدثنا أبو كريب قال: حدثنا ابن نمير قال: حدثنا هشام عن أبيه عن عائشة -رضي الله عنها- قالت: "خرجنا موافين مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لهلال ذي الحجة لا نرى إلا الحج، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «من أحب منكم أن يهل بعمرة فليهل بعمرة»، وساق الحديث بمثل حديث عبدة" هنا في أول الأمر المسألة مجرد عرض، من أحب أن يفعل فليفعل، ثم بعد ذلكم غضب -كما سيأتي -عليه الصلاة والسلام- فدل على إلزامهم بذلك.
"وحدثنا أبو كريب قال: حدثنا وكيع قال: حدثنا هشام عن أبيه عن عائشة -رضي الله عنها- قالت: خرجنا مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- موافين لهلال ذي الحجة، منا من أهل بعمرة، ومنا من أهلَّ بحجة وعمرة، ومنا من أهل بحجة، فكنت فيمن أهل بعمرة، وساق الحديث بنحو حديثهما" هذا كله تقدم.
"وقال فيه: قال عروة في ذلك: إنه قضى الله حجها وعمرتها، قال هشام: ولم يكن في ذلك هدي ولا صيام ولا صدقة" يعني مما يترتب على ارتكاب المحظور؛ لأنها لم ترتكب محظوراً.
قال: "حدثنا يحي بن يحي، قال: قرأت على مالك عن أبي الأسود عن محمد بن عبد الرحمن بن نوفل عن عروة عن عائشة -رضي الله عنها- أنها قالت: "خرجنا مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عام حجة الوداع، فمنا من أهلَّ بعمرة، ومنا من أهلَّ بحج وعمرة، ومنا من أهلَّ بحج، وأهلَّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بالحج: وأهلَّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بالحج" يعني المفرد، أو بالحج الذي لا يظهر معه أعمال غيره، فيكون معناه معنى القِران، يعني صورته صورة الحج المفرد، وهو في الحقيقة قارن، ولذا يرجح بعض الشُّرَّاح أنه حجَّ أولاً مفرداً، ثم لما قيل له: «صلِّ في هذا الوادي المبارك وقل: حجة وعمرة»، أدخل العمرة على الحج فصار قارناً، أدخل العمرة على الحج فصار قارناً، وهذه المسألة -وهي مسألة إدخال الحج على العمرة- لا إشكال فيه، إدخال الحج على العمرة لا إشكال فيه، وفيه حديث عائشة -قصة عائشة-، لكن إدخال العمرة على الحج؟ النبي -عليه الصلاة والسلام- أهلَّ بالحج، ثم لما قيل له –عليه الصلاة والسلام-: «صلِّ في هذا الوادي المبارك وقل: حجة وعمرة»: لبيك حجة وعمرة، نعم، عمرة وحجّ، المقصود أنه أدخل العمرة على الحج، فهل يجوز في مثل هذه الصورة لمن أحرم بالحج أن يدخل عليه العمرة؟
طالب:.......
لا، لبى مفرداً على هذه الرواية لبى بالحج وحده مفرداً، ثم قيل له ذلك.
طالب: المذهب ما يرى؟
لا المذهب ولا الشافعية ولا أكثر أهل العلم، لا يجيزون مثل هذه الصورة، لا يجيزون مثل هذه الصورة مع أن من الشافعية من قال: إن النبي -عليه الصلاة والسلام- أدخل العمرة على الحج، لكنه لا يجوز مثل هذا الفعل، فيكون هذا خاص به -عليه الصلاة والسلام-، وأنتم ترون من خلال هذه النصوص أنه في الحجة التي حجها النبي -عليه الصلاة والسلام- وهي أول مرة يحجها -عليه الصلاة والسلام- بعد فرض الحج حصل تغيير النية من كذا إلى كذا، وأمر بقلب النية، نعم، واضطرب الناس في إحرامه -عليه الصلاة والسلام- مع أنها حجة واحدة، وكلهم يحكي ما شاهده من النبي -عليه الصلاة والسلام-، ومنهم من يقول: إنه -عليه الصلاة والسلام- أهلَّ مطلقاً، أهلَّ بإهلال..، بنسك مطلق حتى وُجِّهَ، قيل له: «صلِّ في هذا الوادي المبارك» وكذا وكذا.
كانوا لما خرجوا لا يرون إلا الحج، ثم لما وصلوا الميقات منهم من أهلَّ بعمرة، ومنهم من أهلَّ بحج؛ لأنهم يرون العمرة في أشهر الحج يعني من رواسب الجاهلية فهي من أفجر الفجور، ولذا أكد النبي -عليه الصلاة والسلام- على من لم يسق الهدي أن يجعلها عمرة، وهنا كونه -عليه الصلاة والسلام- عند من يصحح أنه أهل بالحج مفرداً من الشراح، ومنهم من لا يرى، يعني مع كونه يصحح أنه -عليه الصلاة والسلام- أهلَّ بالحج المفرد لا يصحح إدخال العمرة على الحج، ويقول: هذا خاص به، خاص به -عليه الصلاة والسلام-.
طالب:.......
نعم؟
طالب:.......
إيه نعم، الخصائص تحتاج إلى دليل للخصوصية، لكن هنا لما أهلَّ بالحج -وهذا على حسب علمه -عليه الصلاة والسلام- وما عنده من علم عن الله -جل وعلا- ثم قيل له وهو في المحرم: قل: كذا، يعني غيِّر، غيِّر، يعني غيِّر وأنت في المحرم.
طالب:.......
الحنفية يجيزون مثل هذه الصورة، يجيزونها، لكن الشافعية والحنابلة وجمع من أهل العلم لا يجيزونها، نعم؟
طالب:.......
إيه، لا يجيزونها.
طالب: ليش يا شيخ؟
نعم ما وجه المنع منها، جاز إدخال الحج على العمرة، فلِمَ لا يجوز إدخال العمرة على الحج؟
طالب:.......
طالب: هذا يا شيخ؛ لأن الحج يشمل العمرة، والعمرة لا تشمل أعمال الحج.
والفرض يدخل في النافلة وإلا العكس؟ نعم؟
طالب:.......
لماذا يقولون بمنع إدخال العمرة على الحج، ويجيزون إدخال الحج على العمرة؟
طالب:.......
طيب، والعكس؟
طالب: والعكس أن الحج...... عمرة....
ما صار شيء، ما صار شيء، ما جبنا شيء، ما جبنا جديد، نعم؟
طالب:.......
نفس الكلام بس بأسلوب آخر.
لا، هم يرون أن هذا من الانتقال من الفاضل إلى المفضول، يرون أن هذا من الانتقال من الفاضل إلى المفضول، كيف يحرم بحج مفرد ثم يدخل معه عمرة؟
طالب:.......
نعم؟
طالب:.......
لا، عندهم عندهم، عندهم الإفراد أفضل، أفضل من القران، عندهم الإفراد أفضل من القران، على كل حال المسألة يعني خلافية بين أهل العلم، وما دام ثبت أن النبي -عليه الصلاة والسلام- أهل بالحجِّ، يعني إن لم نوجهه بأنه أهلَّ من الأصل بالقران، ونوجه قول من قال: إنه -عليه الصلاة والسلام- أهلَّ بالحج مفرداً، ثم وُجِّه إلى القران أن فعله -عليه الصلاة والسلام- إدخال الحج على العمرة- ثبت بقوله -عليه الصلاة والسلام- ثبت بقوله -عليه الصلاة والسلام-، ومثل هذا حصل التغيير في الميقات، وذاك حصل بعد الإحرام وبعد النية، وهذا حصل في وقت يمكن فيه تغيير النية، ما زال في الميقات، هذا على كلامهم، وأيضاً بالإمكان أيضاً -على القول الآخر- تأويل الإهلال بالحج المفرد؛ لأنه بحسب الصورة كما قال..، كما يؤول قول من قال: إن النبي -عليه الصلاة والسلام- حج مفرداً، صورته صورة الإفراد، صورته صورة الإفراد، لكن إذا اقتضت الحاجة إدخال العمرة على الحج بأن كان الشخص ممن يرى وجوب العمرة ولا يرى أن له ظرف يتيح له الفرصة للعمرة مرة أخرى، والرفقة لا ينتظرونه أن يعتمر بعد الحج، هذه حاجة، نعم هي ليست بمثابة الحاجة التي تدعو إلى إدخال الحج على العمرة كظرف عائشة -رضي الله عنها-.
طالب:.......النبي صلى الله عليه وسلم......الحج...لأنه ساق الهدي......
كل هذه تطوع، هذه تطوع ما يلزم، ما يلزم أن يسوق هدياً واجباً.
طالب:.......
الهدي الذي معه لا يلزم أن يكون واجباً عليه إذا كان مفرداً؛ الهدي تطوع، ما يلزم، نعم؟
طالب: هل نقول:..........إلا لحاجة.......
يعني من أهلَّ متمتعاً له أن يدخل الحج على العمرة ويكون قارناً من غير حاجة، من غير حاجة، له ذلك وإلا ليس له ذلك؟
طالب:.......
هم يرون..، عند من يقول: الانتقال من الفاضل إلى المفضول يمنع، يمنع هذا، لا سيما وأن النية لازمة وواجبة، نعم إذا غير نيته لما هو أفضل هذا ما فيه إشكال، لكن لما هو أدنى..
طالب:.......
إيه طيب، إيه الكلام على الحنفية الذين يقولون: إن القِران أفضل، يقولون: للمفرد أن يدخل العمرة على الحج ويكون قارناً..
طالب:......
إلى أفضل، إلى أفضل، إذا غيرها إلى أفضل لا بأس.
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد: قال الإمام مسلم -رحمه الله تعالى-:
"حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وعمرو الناقد وزهير بن حرب جميعاً عن ابن عيينة قال عمرو: حدثنا سفيان بن عيينة عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه عن عائشة -رضي الله عنها- قالت: "خرجنا مع النبي -صلى الله عليه وسلم- ولا نرى إلا الحجَّ، حتى إذا كنا بسرف أو قريباً منها حضت، فدخل عليَّ النبي -صلى الله عليه وسلم- وأنا أبكي، فقال: «أنفست؟» يعني الحيضة، قالت: قلت: نعم، قال: «إن هذا شيء كتبه الله تعالى على بنات آدم، فاقض ما يقضي الحاج غير أن لا تطوفي بالبيت حتى تغتسلي»، قالت: وضحى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن نسائه بالبقر.
حدثني سليمان بن عبيد الله أبو أيوب الغيلاني قال: حدثنا أبو عامر عبد الملك بن عمرو قال: حدثنا عبد العزيز بن أبي سلمة الماجشون عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه عن عائشة -رضي الله عنها- قالت: "خرجنا مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لا نذكر إلا الحجّ، حتى جئنا سرف فطمثت، فدخل عليَّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وأنا أبكي، فقال: «ما يبكيكِ؟»، فقلت: والله لوددت أني لم أكن خرجت العام، قال «ما لك، لعلك نفست؟»، قلت: نعم، قال: «هذا شيء كتبه الله على بنات آدم، افعلي ما يفعل الحاج غير أن لا تطوفي بالبيت حتى تطهري»، قالت: فلما قدمت مكة قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لأصحابه: «اجعلوها عمرة»، فأحلَّ الناس إلا من كان معه الهدي، قالت: فكان الهدي مع النبي -صلى الله عليه وسلم- وأبي بكر وعمر وذوي اليسارة، ثم أهلوا حين راحوا، قالت: فلما كان يوم النحر طهرت، فأمرني رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فأفضت، قالت فأُتينا بلحم بقر، فقلت: ما هذا؟ قالوا: أهدى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن نسائه البقر، فلما كانت ليلة الحصبة قلت: يا رسول الله، يرجع الناس بحجة وعمرة، وأرجع بحجة؟! قالت: فأمر عبد الرحمن بن أبي بكر فأردفني على جمله، قالت: فإني لأذكر وأنا جارية حديثة السن أنعس، فتصيب وجهي مؤخرة الرحل، حتى جئنا إلى التنعيم، فأهللت منها بعمرة جزاءً بعمرة الناس التي اعتمروا.
وحدثني أبو أيوب الغيلاني قال: حدثنا بهز قال: حدثنا حماد عن عبد الرحمن عن أبيه عن عائشة -رضي الله عنها- قالت: "لبينا بالحج، حتى إذا كنا بسرف فحضت، فدخل عليَّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وأنا أبكي"، وساق الحديث بنحو حديث الماجشون، غير أن حماداً ليس في حديثه: فكان الهدي مع النبي -صلى الله عليه وسلم- وأبي بكر وعمر وذوي اليسارة ثم أهلوا حين راحوا، ولا قولها: "وأنا جارية حديثة السن أنعس فتصيب وجهي مؤخرة الرحل.
حدثنا إسماعيل بن أبي أُويس قال: حدثني خالي مالك بن أنس ح وحدثنا يحي بن يحي قال: قرأت على مالك عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه عن عائشة -رضي الله عنها- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أفرد الحج.
وحدثنا محمد بن عبد الله بن نمير قال: حدثنا إسحاق بن سليمان عن أفلح بن حميد عن القاسم عن عائشة -رضي الله عنها- قالت: خرجنا مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- مهلين بالحج في أشهر الحج، وفي حرم الحج وليالي الحج، حتى نزلنا بسرف، فخرج إلى أصحابه فقال: «من لم يكن معه منكم هدي فأحب أن يجعلها عمرة فليفعل، ومن كان معه هدي فلا»، فمنهم الآخذ بها والتارك لها ممن لم يكن معه هدي، فأما رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فكان معه الهدي مع رجال من أصحابه لهم قوة، فدخل عليَّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وأنا أبكي، فقال: «ما يبكيكِ؟»، قلت: سمعت كلامك مع أصحابك فسمعت بالعمرة، قال: «وما لكِ؟» قلت: لا أصلي، قال: «فلا يضرك، فكوني في حجك، فعسى الله أن يرزقكيها، وإنما أنت من بنات آدم كتب الله عليك ما كتب عليهنّ»، قالت: فخرجت في حجتي حتى نزلنا منى فتطهرت، ثم طفنا بالبيت، ونزل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- المحصّب، فدعا عبد الرحمن بن أبي بكر فقال: «اخرج بأختك من الحرم فلتهل بعمرة ثم لتطف بالبيت، فإني أنتظركما هاهنا»، قالت: فخرجنا فأهللت، ثم طفت بالبيت وبالصفا والمروة، فجئنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وهو في منزله من جوف الليل، فقال: «هل فرغتِ؟» قلت: نعم، فآذن في أصحابه بالرحيل، فخرج فمرَّ بالبيت فطاف به قبل صلاة الصبح، ثم خرج إلى المدينة.
حدثني يحي بن أيوب قال: حدثنا عباد بن عباد المهلبي قال: حدثنا عبيد الله بن عمر عن القاسم بن محمد عن أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- قالت: منا من أهل بالحج مفرداً، ومنا من قرن، ومنا من تمتع.
حدثنا عبد بن حميد قال: أخبرنا محمد بن بكر قال: أخبرنا بن جريج قال: أخبرني عبيد الله بن عمر عن القاسم بن محمد قال: جاءت عائشة حاجة.
وحدثنا عبد الله بن مسلمة بن قعنب قال: حدثنا سليمان -يعني بن بلال- عن يحي -وهو بن سعيد- عن عمرة قالت: سمعت عائشة -رضي الله عنها- تقول: خرجنا مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لخمس بقين من ذي القعدة ولا نرى إلا أنه الحج، حتى إذا دنونا من مكة أمر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من لم يكن معه هدي إذا طاف بالبيت وبين الصفا والمروة أن يحلَّ، قالت عائشة -رضي الله عنها-: فُدخل علينا يوم النحر بلحم بقر، فقلت: ما هذا؟، فقيل: ذبح رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن أزواجه، قال يحي: فذكرت هذا الحديث للقاسم بن محمد فقال: أتتك والله بالحديث على وجهه.
وحدثنا محمد بن المثنى قال: حدثنا عبد الوهاب قال: سمعت يحي بن سعيد يقول: أخبرتني عمرة أنها سمعت عائشة -رضي الله عنها- ح وحدثناه ابن أبي عمر قال: حدثنا سفيان عن يحي بهذا الإسناد مثله.
وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة قال: حدثنا ابن علية عن ابن عون عن إبراهيم عن الأسود عن أم المؤمنين ح وعن القاسم عن أم المؤمنين قالت: قلت: يا رسول الله، يصدر الناس بنسكين وأصدر بنسك واحد؟! قال: «انتظري، فإذا طهرتِ فاخرجي إلى التنعيم فأهلي منه، ثم القينا عند كذا وكذا»، قال: أظنه قال: «غداً، ولكنها على قدر نصبك أو قال: «نفقتك».
وحدثنا ابن المثنى قال: حدثنا ابن أبي عدي عن ابن عون عن القاسم وإبراهيم قال: لا أعرف حديث أحدهما من الآخر أن أمَّ المؤمنين -رضي الله عنها- قالت: يا رسول الله، يصدر الناس بنسكين، فذكر الحديث.
حدثنا زهير بن حرب وإسحاق بن إبراهيم قال زهير: حدثنا وقال إسحاق: أخبرنا جرير عن منصور عن إبراهيم عن الأسود عن عائشة -رضي الله عنها- قالت: خرجنا مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ولا نرى إلا أنه الحج، فلما قدمنا مكة تطوفنا بالبيت، فأمر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من لم يكن ساق الهدي أن يحلَّ، قالت: فحلَّ من لم يكن ساق الهدي، ونساؤه لم يسقن الهدي فأحللن، قالت عائشة: فحضت فلم أطُف بالبيت، فلما كانت ليلة الحصبة قالت: قلت: يا رسول الله، يرجع الناس بعمرة وحجة وأرجع أنا بحجة؟! قال: «أوَ ما كنت طفت ليالي قدمنا مكة؟» قالت: قلت: لا، قال: «فاذهبي مع أخيك إلى التنعيم فأهلي بعمرة، ثم موعدك مكان كذا وكذا»، قالت صفية: ما أراني إلا حابستكم، قال: «عقرى حلقى، أوَ ما كنت طفت يوم النحر؟» قالت: بلى، قال: «لا بأس، انفري»، قالت عائشة: فلقيني رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وهو مصعِد من مكة وأنا منهبطة عليها، أو أنا مصعِدة وهو منهبط منها، وقال إسحاق: متهبطة ومتهبط.
وحدثناه سويد بن سعيد عن علي بن مسهر عن الأعمش عن إبراهيم عن الأسود عن عائشة -رضي الله عنها- قالت: خرجنا مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- نلبي لا نذكر حجاً ولا عمرة، وساق الحديث بمعنى حديث منصور.
حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة ومحمد بن المثنى وابن بشار جميعاً عن غندر قال ابن المثنى: حدثنا محمد بن جعفر قال: حدثنا شعبة عن الحكم عن علي بن الحسين عن ذكوان -مولى عائشة- عن عائشة -رضي الله عنها- أنها قالت: "قدم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لأربع مضين من ذي الحجة أو خمس، فدخل عليَّ وهو غضان، فقلت: من أغضبك يا رسول الله أدخله الله النار، قال: «أو ما شعرت أني أمرت الناس بأمر فإذا هم يترددون»-قال الحكم: «كأنهم يترددون» أحسب- «ولو أني استقبلت من أمري ما استدبرت ما سقت الهدي معي حتى أشتريه ثم أحل كما أحلوا».
وحدثناه عبيد الله بن معاذ قال: حدثنا أبي قال: حدثنا شعبة عن الحكم سمع علي بن الحسين عن ذكوان عن عائشة -رضي الله عنها- قالت: "قدم النبي -صلى الله عليه وسلم- لأربع أو خمس مضين من ذي الحجة"، بمثل حديث غندر، ولم يذكر الشك من الحكم في قوله: «يترددون».
حدثني محمد بن حاتم قال: حدثنا بهز قال: حدثنا وُهَيْب قال: حدثنا عبد الله بن طاووس عن أبيه عن عائشة -رضي الله عنها- أنها أهلت بعمرة، فقدمت ولم تطف بالبيت حتى حاضت، فنسكت المناسك كلها وقد أهلت بالحج، فقال لها النبي -صلى الله عليه وسلم- يوم النفر: «يسعك طوافك لحجك وعمرتك»، فأبَت، فبعث بها مع عبد الرحمن إلى التنعيم فاعتمرت بعد الحج.
وحدثني حسن بن علي الحُلواني قال: حدثنا زيد بن الحباب قال: حدثني إبراهيم بن نافع قال: حدثني عبد الله بن أبي نجيح عن مجاهد عن عائشة -رضي الله عنها- أنها حاضت بسرف فتطهرت بعرفة، فقال لها رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «يجزئ عنك طوافك بالصفا والمروة عن حجك وعمرتك».
وحدثنا يحي بن حبيب الحارثي قال: حدثنا خالد بن الحارث قال: حدثنا قرة قال: حدثنا عبد الحميد بن جبير بن شيبة قال: حدثتنا صفية بنت شيبة قالت: قالت عائشة -رضي الله عنها-: "يا رسول الله، أيرجع الناس بأجرين وأرجع بأجر؟!"، فأمر عبد الرحمن بن أبي بكر أن ينطلق بها إلى التنعيم، قالت: فأردفني خلفه على جمل له، قالت: فجعلت أرفع خماري أحسره عن عنقي، فيضرب رجلي بعلة الراحلة، قلت له: "وهل ترى من أحد"، قالت: فأهللت بعمرة، ثم أقبلنا حتى انتهينا إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وهو بالحصبة.
حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وابن نمير قالا: حدثنا سفيان عن عمرو أخبره عمرو بن أوس قال: أخبرني عبد الرحمن بن أبي بكر أن النبي -صلى الله عليه وسلم- أمره أن يردف عائشة فيعمرها من التنعيم".
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين،
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:
"حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وعمرو الناقد وزهير بن حرب جميعاً عن ابن عيينة قال عمرو حدثنا سفيان بن عيينة عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه عن عائشة -رضي الله عنها- قالت: "خرجنا مع النبي -عليه الصلاة والسلام- ولا نرى إلا الحج، حتى إذا كنا بِسرف" مكان بين مكة والمدينة، يقرب من مكة، هو إلى مكة أقرب أو قريباً منها، يعني لم نصل إليها، إنما قربنا منها.
"حضت، فدخل عليَّ النبي -عليه الصلاة والسلام- وأنا أبكي" هي تبكي لما تخشى من فوات الخير.
"فقال: «أنفست؟»، يعني الحيضة، قالت: قلت: نعم، قال: «إن هذا شيء كتبه الله على بنات آدم»": يقول الرسول -عليه الصلاة والسلام- ذلك لها تسلية، تسلية لها.
"«إن هذا شيء كتبه الله على بنات آدم، فاقض ما يقضي الحاج»" وبهذا الحديث استدل الإمام البخاري على ضعف ما يروى أن الحيض أول ما نزل على بني إسرائيل، وجاء به أخبار، فالبخاري يضعف هذه الأخبار بهذا الحديث، ومن يقول بصحتها يقول: إن أصله موجود -من الأصل- في النساء لكنه زاد، قد يكون شيء يسير بالنسبة لمن قبل بني إسرائيل ثم ازداد الأمر فيهم وفي نسائهم.
"«فاقض ما يقضي الحاج غير أن لا تطوفي بالبيت حتى تغتسلي»" بهذا يستدل من يقول باشتراط الطهارة للطواف، وإن قال بعضهم: إن المنع من الطواف سببه المنع من دخول المسجد بالنسبة للحائض لا اشتراط الطهارة للطواف.
الجمهور على أن الطهارة شرط لصحة الطواف؛ ولو كان الحديث لمنعها من المسجد لقال لها: على أن لا تدخلي المسجد؛ لأن الحائض لا يجوز لها أن تدخل المسجد.
وجاء في حديث صلاة العيد من حديث أم عطية: "أمرنا أن نخرج العواتق والحيض وذوات الخدور إلى صلاة العيد؛ يشهدن الخير ودعوة المسلمين، ويعتزل الحيض المصلى": وهذا مصلى العيد هو في أحكامه أقل من أحكام المسجد.
"«لا تطوفي البيت حتى تغتسلي»، قالت: وضحى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- مع نسائه بالبقر".
ضحى: نعم؟
طالب:.......
إيه.
طالب:.......
............... ما يلزم الدخول.
طالب:.......
المرور المرور غير البقاء.
طالب:.......
لا لا، ما يصح، لا، لا لا.
"«لا تطوفي البيت حتى تغتسلي»، قالت: وضحى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بالبقر" في هذا دليل على أن الحاج يضحي، وأنه يجمع بين الهدي والأضحية، خلافاً لمن قال: إنه لا يشرع -لا تشرع- التضحية للحاج، وإليه ميل شيخ الإسلام -رحمه الله تعالى-.
ويحملون قوله: "وضحى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن نسائه بالبقر" يعني أهدى، والكلام كله في الهدي والحج، وعلى كل حال اللفظة صريحة في المراد بالتضحية وإن كانت المناسبة مناسبة هدي، لكن مع صحة هذا اللفظ لا يسوغ منع التضحية بالنسبة للحاج، إضافة إلى أن الأدلة العامة تشمل الحاج وغير الحاج، نعم؟
طالب:.......
لا لا، ضحى عنه وعن نسائه، ضحى عن نسائه بالبقر، ما المانع؟ يعني إذا أراد أن يفرد -يفرد كل امرأة بأضحية- ما المانع؟ لكن إذا أراد أن يكتفي عنه وعن أهل بيته بواحدة كفى.
"حدثني سليمان بن عبيد الله أبو أيوب الغيلاني قال: حدثنا أبو عامر عبد الملك بن عمرو -وهو العقدي- حدثنا عبد العزيز بن أبي سلمة الماجشون عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه عن عائشة -رضي الله عنها-"
في قوله: ضحى وأهدى -عليه الصلاة والسلام- عن نسائه ما يدل على أن التضحية وما يقوم مقامها وما كان في حكمها يجوز أن تدخله النيابة، فيفعله الإنسان عن غيره، ولو من غير إذنه إذا علم أنه لا يكره ذلك، فأنت عليك كفارة -كفارة يمين- تبرع شخص وأخرجها عنك، عليك أضحية، عليك كذا عليك هدي، عليك دم، تبرع شخص بها وأخرجها عنك، يجيزون هذا، نعم؟
طالب:.......
تصدق بلا شك.
طالب: عن شخص....
عن شخص آخر ما يخالف.
طالب:.......
ولو كان لا يعلم.
طالب:.......
عندهم يطلقون هذا، ولو من غير علمه إذا لم يعلم أنه يكره ذلك؛ لأن بعض الناس لا يطيق المنة، لا يطيق المنة فيكره أن يتصدق عنه، ويكره أن يكفر عنه، يكره أن يضحى عنه وهكذا، نعم؟
طالب:.......
هو على كل حال هي تقبل النيابة، هي تقبل النيابة.
"حدثنا أبو عامر عبد الملك بن عمرو -هو العقدي- قال: حدثنا عبد العزيز بن أبي سلمة الماجشون"
إذا قلنا: إنها دَيْن فالديون لا تحتاج إلى نية وسداد الديون ما يحتاج إلى نية، نعم؟
طالب:.......
هذا يعضد عموم النصوص الواردة في..
طالب:.......
أهدى عنها وضحى عنها ما المانع؟ ما فيه ما يمنع مع النصوص العامة التي تشمل الحاج وغيره في الترغيب في الأضحية.
قال "حدثنا عبد العزيز بن أبي سلمة الماجشون عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه عن عائشة -رضي الله عنها- قالت: "خرجنا مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لا نذكر إلا الحج، حتى إذا جئنا سرف فطمثت، فدخل عليَّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وأنا أبكي" "لا نذكر إلا الحج" يعني استمر هذا إلى سرف أو انتهى هذا الذكر عند الميقات، ويكون في الحديث حذف؟
"لا نذكر إلا الحج فلما جئنا سرف طمثت" هي محرِمة بحج وإلا بعمرة؟
طالب:.......
وهي تقول لا نذكر إلا الحج، يعني هذا التصور انقطع عند الميقات، فالحديث لا شك أن فيه حذف.
"حتى جئنا سرف فطمثت، فدخل عليَّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وأنا أبكي، فقال: «ما يبكيكِ؟»، فقلت: والله لوددت أني لم أَكن خرجْت العَام" يعني في هذه السنة.
"قال: «ما لكِ؟ لعلك نفست؟»" طيب، ما الذي يضمن أنك لا تحيضين في السنة القادمة والتي بعدها والتي بعدها؟ لكن مع الأسف الذي وقع في نفسها والتحسر على أن يفوتها شيء من العبادة قالت مثل هذا الكلام.
طالب:.......
من المدينة.
"قال: «ما لك، لعلك نفست؟» قلت: نعم، قال: «هذا شيء كتبه الله على بنات آدم، افعلي ما يفعله الحاج غير أن لا تطوفي بالبيت حتى تطهري»، قالت: فلما قدمت مكة قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لأصحابه: «اجعلوها عمرة»، فأحلَّ الناس إلا من كان معه الهدي" يعني في أول الأمر مشورة، نعم، في أول الأمر مشورة أشار عليهم، «من أراد أن يجعلها عمرة فليفعل»، ثم في النهاية ألزمهم بذلك: «اجعلوها عمرة»، ولذا بعضهم يوجب التمتع، وإن قال بعضهم: إن هذا الوجوب للإلزام خاص بالصحابة؛ ليزيل ما علق بأذهانهم من رواسب الجاهلية من أن العمرة في أشهر الحج من أفجر الفجور.
"فأحل الناس إلا من كان معه الهدي، قالت: فكان الهدي مع النبي -عليه الصلاة والسلام- وأبي بكر وعمر وذوي اليسارة لما أهلوا حين راحوا" يعني يوم التروية.
"قالت: فلما كان يوم النحر طهرت": في بعض الروايات في يوم عرفة -على ما تقدم- وسيأتي أنها طهرت في يوم عرفة، وهنا "قالت: فلما كان يوم النحر طهرت" لعلها رأت مبادئ الطهر في يوم عرفة ولم يتم طهرها إلا في يوم النحر.
"فأمرني رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فأفضت، قالت: فأُتينا بلحم بقر، فقلت: ما هذا؟ قالوا: أهدى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن نسائه البقر، فلما كانت ليلة الحصبة قلت: يا رسول الله، يرجع الناس بحجة وعمرة، وأرجع بحجة؟! قالت: فأمر عبد الرحمن بن أبي بكر فأردفني على جمله، قالت: فإني لأذكر وأنا جارية حديثة السن أنعس، فتصيب وجهي مؤخرة الرحل، حتى إذا جئنا إلى التنعيم" إلى آخره.
طالب:.......
وأيش يصير؟ وأيش الفرق؟ إما أن يكون الفاعل وجهي أو يكون مؤخرة ما فيه فرق أحدهما مصيب.
طالب:......يجوز أن تكون مؤخرة هي الفاعل......
كذلك نعم، وتأنيثه غير حقيقي، يجوز..
طالب:.......
غير حقيقي مجاز يجوز، يجوز عندهم، ولو لم يفصل.
في هذا ما يدل على جواز تكرار العمرة ولو في سفرة واحدة ما لم يشغل عمل أهم، والعلماء يختلفون في هذا، لكن حديث عائشة نص في الجواز وإن قلنا: إنه لتطييب خاطرها؛ لأن التطييب لا يبيح المحرم، نعم لا يبيح المحرم التطييب.
على كل حال تكرار العمرة لا بأس به وإن منعه بعضهم، وحدد بعضهم في السنة، وبعضهم حتى يسود شعره، وبعضهم يمنعه في سفرة واحدة إلى آخره.
المقصود أن هاتين عمرتان في سفرة واحدة من عائشة -رضي الله عنها- فهو أصل لجواز العمرة أكثر من مرة في سفرة واحدة، نعم؟
طالب:.......
العمرة التي مع حجها، التي مع حجها.
طالب:.......
عمرة، عمرة معتبرة كاملة، عمرة كاملة مجزئة عن عمرة الإسلام.
"وأنا جارية حديثة السن أنعس فتصيب وجهي مؤخرة الرحل، حتى إذا جئنا إلى التنعيم" تدل على أن المعتمر من مكة لا بد أن يخرج إلى الحل، وعين بعضهم التنعيم، المالكية يقولون: ميقات المعتمر المكي -المعتمر ومن في حكمه- التنعيم، والجمهور على أنه يخرج إلى الحل، أدنى الحل الأيسر له، لكن لا بد من خروجه، وإن قال بعضهم...نعم؟
طالب: حتى أهل مكة يا شيخ؟
أهل مكة ومن في حكمهم ممن هو في مكة ممن أراد أن ينشئ عمرة.
طالب:.......
هو في مكة هو موجود في مكة، أراد أن ينشئ عمرة لا بد أن يخرج إلى التنعيم؛ ليجمع في نسكه بين الحل والحرم.
من أهل العلم من يرى أنه لا يلزم، المكي لا يلزمه أن يخرج.
طالب:.......الحج؟
الحج ما يحتاج لا؛ لأنه سيخرج إلى عرفة فيجمع في نسكه بين الحل والحرام.
على كل حال المسألة جماهير أهل العلم على أنه لا بد أن يخرج إلى الحل، ومن أهل العلم من يرى أنه لا يلزم؛ لعموم حديث: «حتى أهل مكة من مكة»، فيشمل الحج والعمرة، والجمهور حملوه على الحج، وأخرجوا العمرة من عمومه بحديث عائشة، بحديث عائشة -رضي الله عنها-.
الإمام البخاري يرى أن مكة ميقات للمكي في الحج والعمرة، والصنعاني يرجح هذا القول، لكن الجمهور على أن المعتمر لا بد أن يخرج إلى أدنى الحل، وحديث عائشة نص في الباب، وإلا ما معنى أن النبي -صلى الله عليه وسلم- ينتظرها، ينتظرها بجموع المسلمين بعد تعب الحج، بعد هزيع من الليل ينتظرها لتخرج إلى التنعيم ثم تأتي بعمرة، لولا أن ذلك لازم واجب؟
"فأهللت بعمرة جزاء بعمرة الناس التي اعتمروا" يعني عمرة مستقلة مفردة بأعمالها، وهي عمرة دخلت في الحج، فكأنها خاطرها ما ارتاح لهذه العمرة التي دخلت في الحج، وإن كانت عمرة كاملة أجرها كامل ومجزئة عن عمرة الإسلام.
"وحدثني أبو أيوب الغيلاني قال: حدثنا بهز قال: حدثنا حماد عن عبد الرحمن عن أبيه" عبد الرحمن بن القاسم، "عن أبيه عن عائشة -رضي الله تعالى عنها- قالت: "لبينا بالحج حتى إذا كنا بِسَرف حضت، فدخل عليَّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وأنا أبكي، وساق الحديث بنحو حديث الماجشون" الرواية السابقة، إلا أن هناك فروق.
يقول: حماد ليس في حديثه "فكان الهدي مع النبي -صلى الله عليه وسلم- وأبي بكر وعمر وذوي اليسارة" يعني مما تقدم في حديث ابن الماجشون "ثم أهلوا حين راحوا" ولا قولها "وأنا جارية حديثة السن" يعني مختصر، حديث حماد مختصر، وحديث الماجشون مطوّل. "أنعس، فتصيب وجهي مؤخرة الرحل".
"حدثنا إسماعيل بن أبي أويس قال: حدثني خالي مالك" المعروف عن الإمام مالك -رحمه الله تعالى- أنه لا يحدث أحداً، بل يغضب -رحمه الله- إذا قيل له: حدِّثنا، الإمام مالك يُقرأ عليه، ولذلك يقال: قال: قرأت على مالك، في الكتاب كله، ما معنى هذا إسماعيل بن أبي أويس يحدثه مالك، نعم هو خاله..
طالب:.......
خصوصية لابن أخته براً بالأخت؟
طالب:.......
أيش هو؟
طالب:.......
يقول: "حدثني خالي" لماذا لم يقل يحي بن يحي: حدثني مالك عرضاً؟
طالب:.......
ولا يمنع أن يكون لابن أخته خصوصية، ما يمنع؛ لأن الإمام مالك -رحمه الله تعالى- حينما يعتمد العرض في التحديث لا يمنع السماع، السماع هو الأصل، يغضب الإمام مالك -رحمه الله- إذا قيل له: حدِّثنا يقول: اقرأ، العرض يكفيك في القرآن ولا يكفيك في القرآن والحديث أعظم؟
على كل حال هذه قد تكون خصوصية لابن أخته، وإلا فالمعروف من حاله أنه لا يحدث أحداً.
"حدثني خالي مالك بن أنس" تقيد مثل هذه التي تخرج عن القاعدة، والأصل يستفاد منها في وقتها.
"حدثني خالي مالك بن أنس ح وحدثنا يحي بن يحي قال: قرأت على مالك عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه عن عائشة -رضي الله عنها- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أفرد الحج" هناك تقول: أهلَّ بالحج، وهنا تنصيص على أنه أهلَّ مفرداً، "أفرد الحج".
"وحدثنا محمد بن عبد الله بن نمير قال: حدثنا إسحاق بن سليمان عن أفلح بن حميد عن القاسم عن عائشة -رضي الله عنها- قالت: خرجنا مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- مهلين بالحج في أشهر الحج: في أشهر الحج" وهي شوال والقعدة وعشر من ذي الحجة عند الجمهور، والحجة كاملة عند الإمام مالك، وفي حُرُم الحج، وضبطه الأصيلي حُرَم -بفتح الراء- حُرُم الحج، يعني جميع ما يتعلق بالحج مما يحرم على المحرم وليالي الحج.
"حتى نزلنا بِسَرف، فخرج إلى أصحابه فقال: «من لم يكن معه منكم هدي فأحب أن يجعلها عمرة فليفعل، ومن كان معه هدي فلا»" لأنه لا يجوز له أن يحل حتى يبلغ الهدي محله.
طالب:.......
كيف؟
طالب:.......
المقصود أنه إذا رؤي هلال شوال دخلت أشهر الحج، إذا غابت الشمس من آخر أيام رمضان دخلت أشهر الحج، دخلت أشهر الحج، ولذا لو أحرم بالعمرة قبل غروب الشمس من آخر أيام رمضان فعمرته رمضانية ولو أداها بعد العيد، بخلاف ما لو أحرم بالعمرة في آخر لحظة من شعبان وأداها في رمضان فعمرته شعبانية؛ لأن العبرة بالإحرام.
"فمنهم الآخذ بها والتارك لها" يعني منهم من قبل هذه المشورة فحولها عمرة، ومنهم من استمر على حجه.
"ممن لم يكن معه هدي، فأما رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فكان معه الهدي ومع رجال من أصحابه منهم أبو بكر وعمر" على ما تقدم وذوي اليسارة. "من أصحابه لهم قوة" يعني قوة مادية، يعني معهم هدي وقدرة.
"فدخل عليَّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وأنا أبكي، فقال: «ما يبكيكِ؟»، فقلت: سمعت كلامك مع أصحابك" سمعت كلامه مع أصحابه ففهمت أن المحرم بالحج يقلبها عمرة، فكيف بالمحرم بعمرة ولا يتمكن من أدائها كحالها؟
"سمعت كلامك مع أصحابك فسمعت بالعمرة، قال: «وما لكِ؟»، قلت: لا أصلي" هذه كناية عن الحيض، هذه كناية عن الحيض، ولا شك أن الأدب في مثل هذا مطلوب، لكن عند الحاجة إلى التصريح لا بد من التصريح إذا كانت الكناية لا تكفي، ولذا الرواة كلهم نقلوا عن ماعز قوله: "إني زنيت"، مع أنه المفترض أن يقول الراوي: إنه زنى، لكن لو تواطئوا على نقل: إنه زنى لما تعين أن الزاني هو ماعز، لكن عندما يراد اللفظ لذاته لا بد من التصريح به، ولذا قالوا في حديث أبي طالب -عند تلقين النبي -صلى الله عليه وسلم- إياه الشهادة ولم يقبل- قال: هو، قالوا -كل الرواة يقولون-: "هو على ملة عبد المطلب"؛ لأن الراوي يتحاشى أن ينسب الكفر لنفسه، وهنا قالت: "لا أصلي"، ومع الأسف الشديد يوجد من النساء من يصرِّح بأمور لا يستطيع الرجال التصريح بها لا سيما مع وجود الهاتف وما الهاتف تصرح بأشياء وتفاصيل ودقائق حتى يخطر على البال أنها مغرضة في سؤالها، وأنها تريد أن تفتن المسؤول، هذا مع الأسف الشديد موجود في بعض النساء، وهنا عائشة تقول: "لا أصلي"، تقوله لمن؟ لبعيد من الناس؟ لزوجها!
"قال: «فلا يضرك، فكوني في حجك، فعسى الله أن يرزقكيها»" يعني العمرة التي هي مع حجك، "«وإنما أنت من بنات آدم، كتب الله عليك ما كتب عليهن» قالت: "فخرجت في حجتي حتى نزلنا منى، فتطهرت ثم طفنا بالبيت، ونزل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- المُحصَّب" يعني بعد أن أنهى أعمال الحج ولم يبق إلا الوداع، خرج من منى آخر أيام التشريق فنزل بالمحصب، وهو بعد منى.
"فدعا عبد الرحمن بن أبي بكر فقال: «اخرج بأختك من الحرم فلتهل بعمرة، ثم لتطف بالبيت فإني أنتظركما هاهنا»، قالت: فخرجنا فأهللت، ثم طفت بالبيت وبالصفا والمروة، فجئنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وهو في منزله من جوف الليل" على ما وعد ينتظر، جاؤوا وهو في منزله من جوف الليل، لكن هل تخلل ذلك أنه نزل إلى مكة وطاف للوداع وخرج إلى منزله، وما جاء في كون لقيته عائشة مصعد منهبطة على ما سيأتي؟
كل هذا فيه شيء من التعارض، نعم، هنا يقول: "«فإني أنتظركما هاهنا»" يعني بالمحصب، "قالت: فخرجنا فأهللت ثم طفت بالبيت وبالصفا والمروة" يعني اعتمرت عمرة كاملة.
"فجئنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وهو في منزله من جوف الليل، قال: «هل فرغت؟»، قلت: نعم، فآذن في أصحابه بالرحيل، فخرج فمر بالبيت فطاف به قبل الصبح" يعني أنه أخر طواف الوداع إلى مجيئها.
"فخرج فمر بالبيت فطاف به قبل صلاة الصبح، ثم خرج إلى المدينة" وهل طافت معه للوداع أو اكتفت بطواف العمرة؟
البخاري فهم من النصوص المجتمعة وبما أخرجه غير هذه الرواية، فهم أنها لم تطف للوداع، وأن المعتمر إذا طاف كفاه عن الوداع ولو تعقبه سعي.
"ثم خرج إلى المدينة".
قال: "حدثني يحي بن أيوب قال: حدثنا عباد بن عباد المهلب قال: حدثنا عبيد الله بن عمر عن القاسم بن محمد عن أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- قالت: منا من أهل بالحج مفرداً، ومنا من قرن، ومنا من تمتع".
قال: "حدثنا عبد بن حميد أخبرنا محمد بن بكر قال: أخبرنا ابن جريج قال: أخبرني عبيد الله بن عمر عن القاسم بن محمد قال: جاءت عائشة حاجة".
"وحدثنا عبد الله بن مسلمة بن قعنب قال: حدثنا سليمان يعني بن بلال عن يحي وابن سعيد عن عمرة قالت: سمعت عائشة -رضي الله عنها- تقول: خرجنا مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لخمس بقين من ذي القعدة ولا نرى إلا أنه الحج، حتى إذا دنونا من مكة أمر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من لم يكن معه هدي.. أمر من لم يكن معه هدي إذا طاف بالبيت وبين الصفا والمروة" هناك في أول الأمر بسرف مجرد عرض «من أحب منكم»؛ وذلك لتخفيف الوقع على نفوسهم، تخفيف وقع هذا الأمر على نفوسهم؛ لأنهم يرون أن العمرة في أشهر الحج لا تجوز.
في أول الأمر قال: «من أحب فليفعل»: يعني بالتدريج، ثم هنا أمر.
"أمر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من لم يكن معه هدي إذا طاف البيت وبين الصفا والمروة أن يحل، قالت عائشة -رضي الله عنها-: فدخل علينا يوم النحر بلحم بقر، فقلت: ما هذا فقيل: ذبح رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن أزواجه، قال يحي: فذكرت هذا الحديث للقاسم بن محمد قال: أتتك والله بالحديث على وجهه" يعني أتتك به، بجملته، بحروفه، لم تغير ولم تبدل.
طالب:.......
الهدي وجهناه بأنه الهدي الذي يلزم من أخل بشيء -من فعل شيء من المحظورات- وهي لم تفعل، ولذلك قال: "هدي ولا صدقة ولا صوم" وهذه الأمور إنما تكون لمن ارتكب محظوراً، فدل على أنها لم ترتكب محظوراً، يعني تريد أن تنفي أنه لم يلزمها شيء بإدخال الحج على العمرة.
طالب:... طافت للوداع؟
لا ما يظهر أنها طافت للوداع.
طالب:.......
ما يلزم لا.
"وحدثنا محمد بن مثنى قال: حدثنا عبد الوهاب قال: سمعت يحي بن سعيد يقول: أخبرتني عمرة أنها سمعت عائشة -رضي الله عنها- ح وحدثناه ابن أبي عمر قال: حدثنا سفيان عن يحي بهذا الإسناد مثله.
وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا بن علية عن ابن عون عن إبراهيم عن الأسود عن أم المؤمنين ح وعن القاسم عن أم المؤمنين قالت: قلت: يا رسول الله، يصدر الناس بنسكين" يعني منفصل كل واحد عن الثاني، عمرة مستقلة وحج مستقل، وأنا أرجع بنسك واحد؟! يعني نسك واحد يشتمل على أمرين، نعم؟
طالب:.......
يحتاج إليه عند الضرورة، يعني لو جاء الإنسان ليطوف طواف الإفاضة ويسعى بعده، ويجد المطاف يشق عليه أن يرجع ليطوف الوداع، نقول: يسعه ذلك -إن شاء الله تعالى- لكن إذا كان فيه سعة فالفصل بين طواف الوداع والخروج، بين الطواف والخروج بسعي فاصل هذا، فاصل وهو نسك ليس مثل الصلاة كما قال بعضهم، يقول بعضهم: كما لو أقيمت الصلاة وصلى ما يضر، لكنه شيء..، الصلاة يسيرة بالنسبة للسعي، وعلى كل حال يلجأ إلى مثل هذا القول عند الضرورة، يعني إذا ضاق المكان وضاق الوقت كذا يكفيه إن شاء الله تعالى، نعم؟
طالب:.......
من الأصل؟
طالب: إيه.
هذا اللي يظهر، هذا اللي يظهر.
طالب:.......
لا ما ترفض، ما يمكن ترفض، ما يمكن ترفض؛ النسك لا يمكن رفضه، نعم نعم، ولذلك قال -عليه الصلاة والسلام-: "«انتظري، فإذا طهرت فاخرجي إلى التنعيم فأهلي منه، ثم القينا عند كذا وكذا»" عمرتها تامة ومجزئة عن عمرة الإسلام التي مع حجها، ويلزمها الهدي كما يلزم القارن، ولا إشكال فيها، لكن أرادت أن ترجع بنسكين منفردين مستقل كل واحد منهما على الآخر، كما رجع صواحبها بذلك، وجبر النبي -صلى الله عليه وسلم- خاطرها بذلك.
"«فإذا طهرت فاخرجي إلى التنعيم فأهلي منه ثم القينا عند كذا وكذا»، وقال: أظنه قال: «غداً، ولكنها على قدر نصبك» أو قال" نعم.
"«إذا طهرت فاخرجي إلى التنعيم فأهلي منه ثم القينا عند كذا وكذا»" وهناك قال: «أنتظركما».
طالب:.......
نعم، وهنا قال: «ثم القينا عند كذا وكذا»، ولكن هذا قبل، قال: "«القينا عند..»" هذا قبل أن تطهر، نعم، ثم الغاه، قال: "«انتظركما»" يعني في أول الأمر حدد مكاناً يلتقون فيه، وهذا قبل أن..، قال: "«فإذا طهرت»" هذا قبل طهرها، ثم رأى في آخر لحظة يعني وهو بالمحصّب أن ينتظرها، ولا شك أن الانتظار قد يكون أيسر من المواعيد التي يحصل فيها ما لا يخطر على البال، كونك تنتظر صاحبك في مكان معين، تقول له: أنا أنتظرك في هذا المكان ولا تروح تقول: نتقابل في مكان كذا، ثم يضيع، وإلا يصد عن هذا المكان، ثم يحصل الحرج والضيق، والنبي –عليه الصلاة والسلام- في أول الأمر قال: موعدكم مكان كذا، نعم.
"«ثم القينا عند كذا وكذا»، قال: أظنه قال: «غداً ولكنها على قدر نصبك»" يعني عمرتك هذه على قدر نصبك، والنصب الذي هو التعب، ومثله النفقة، ليست مطلباً شرعياً لذاتها، وإنما إذا جاءت زيادة النفقة، أو زيادة التعب تبعاً لعبادة أجر عليها الإنسان، أما إنسان يعذب نفسه ويتعب في حجه أو في عمرته مما لا يحتاجه الحج نقول: أجرها على قدر النصب؟ نقول لا يا أخي، إن الله عن تعذيبك نفسك غني، يعني شخص عنده الوسائل المريحة ليحج -ما لم يكن إلى حد ترف مثلاً- ويقول: لا...، الناس حجوا على السيارات، أنا أريد أن أحج على حمار أو على بعير، والأجر على قدر النصب.
نقول: لا يا أخي، ما يلزم يا أخي، لا تعذب نفسك؛ الذي نذر أن يمشي قال له النبي -عليه الصلاة والسلام-: «اركب»؛ المشي ليس من مطالب الحج، نعم إذا لم تجد راحلة امشِ، وجاء مدح الرجال وتقديمهم على الركبان.
المقصود أن النصب والنفقة إذا تطلبتها العبادة فالأجر على قدرها، لكن إذا لم تطلبها العبادة فلا، يعني شخص بينه وبين المسجد خمسين متراً، يقول: لا، أدور على الحارة على شان يصير خمسمائة متر -خمسمائة خطوة- نقول: ما تؤجر؛ أنت رحت تتمشى ما رحت تصلي.
طالب:.......
.......لتقديم الماشي على الراكب، ولذا يختلف أهل العلم، والنبي -صلى الله عليه وسلم- حج أيش؟ ماشياً وإلا راكباً؟
طالب: راكب.
نعم، لكن يمدح الماشي حينما لا تجد الراحلة، والبخاري -رحمه الله تعالى- استدل بالآية، نعم، على أن الراحلة ليست بشرط لوجوب الحج، قد يجب الحج على شخص ولو لم يجد الراحلة، وأما ما جاء في تفسير الاستطاعة بالزاد والراحلة فهو ضعيف.
طالب:.......
لا الأجر للخطى؛ لأن المسجد يتطلبه، نعم، «دياركم تكتب آثاركم»، ولذلك لما أراد أن يشتري لصلاة الجمعة حماراً يركبه قال: لا؛ لأن الخطى مكتوبة، لكن الخطى لغيرها من العبادات تكتب؟ ما تكتب.
"وحدثنا ابن المثنى قال: حدثنا ابن أبي عدي عن ابن عون عن القاسم وإبراهيم قال: لا أعرف حديث أحدهما من الآخر" لا يميز حديث أحدهما عن الآخر، لا حديث القاسم ولا حديث إبراهيم، يعني اختلط عليه حديث القاسم وحديث إبراهيم، هل في هذا قدح في الحديث؟
ليس فيه قدح في الحديث، لماذا؟ لأن كلاهما ثقة، لأن كلاً منهما ثقة، نعم لو كان أحدهما ضعيف والثاني ثقة ولم يستطع أن يميز قدح في الحديث، لكن كلاهما ثقة، سواء عن هذا أو هذا لا يضر، لا يضر التمييز في مثل هذا.
"لا أعرف حديث أحدهما من الآخر أن أم المؤمنين -رضي الله عنها- قالت: يا رسول الله، يصدر الناس بنسكين فذكر الحديث" على ما تقدم.
"حدثنا زهير بن حرب وإسحاق بن إبراهيم قال زهير: حدثنا وقال إسحاق: أخبرنا جرير عن منصور عن إبراهيم عن الأسود عن عائشة -رضي الله عنها- قالت: خرجنا مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ولا نرى إلا أنه الحج، فلما قدمنا مكة تطوفنا بالبيت، فأمر رسول -صلى الله عليه وسلم- من لم يكن ساق الهدي أن يحلَّ، قالت: فحلَّ من لم يسق" وهناك في الميقات قالت: "منا من أهلَّ بحج، ومنا من أهلَّ بعمرة، ومنا من أهلَّ بهما معاً" فدلَّ على أن بعضهم أهل بالعمرة من الميقات، وممن أهلَّ بعمرة عائشة -رضي الله عنها- ولذا نقول: إن مثل هذا الحديث طي.
"فلما قدمنا مكة تطوفنا بالبيت" تعني غيرها، تعني غيرها، هي التي طافت لما قدمت مكة؟ ما طافت؛ لأنها حائض.
"تطوفنا بالبيت، فأمر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من لم يكن ساق الهدي أن يحلَّ، قالت: فحل من لم يكن ساق الهدي، ونساؤه لم يسقن الهدي فأحللن، قالت عائشة: "فحضت فلم أطف بالبيت، فلما كانت ليلة الحصبة قالت: قلت: يا رسول الله، يرجع الناس بعمرة وحجة وأرجع أنا بحجة؟! قال: «أو ما كنت طفت ليالي قدمنا مكة؟» قالت: قلت: لا، قال: «فاذهبي مع أخيك إلى التنعيم فأهلي بعمرة، ثم موعدك مكان كذا وكذا»، قالت صفية: ما أراني إلا حابستكم" لأنها هي الأخرى حاضت، "قالت صفية: ما أراني إلا حابستكم، قال: «عقرى حلقى»" هذا دعاء يدعو عليها بأن تصاب في..، بأن تعقر وأن تصاب في حلقها، هذا الأصل في الكلمة، أو يصيبها ما يقتضي حلق الشعر من مصيبة على طريقة الجاهلية، والعرب يدعون بمثل هذا، لكن لا يريدون حقيقته، كما يقولون: تربت يداك، تربت يمينك.
طالب:.......
لا لا، ما هو باستفهام.
طالب:.......
وين؟ لا، «أو ما كنت»: الاستفهام بعد ذلك، الاستفهام بعد..، الاستفهام على الطواف، الكلام في الدعاء عليها، هناك قال لعائشة: «هذا شيء كتبه الله على بنات آدم» يسليها ويطمئنها، وهنا قال: «عقرى حلقى» لصفية -عليه الصلاة والسلام-، بعض الشُّرَّاح أساء الأدب قليلاً وقال: إن هذا تفضيل لعائشة وميل إليها، يعني لو افترضنا أن هذا تفضيل، لو افترضنا أن هذا تفضيل أخذناه أصل، قلنا: يجوز التفضيل، نعم، لكن السبب معروف في اختلاف المعاملة، السبب واضح؛ لأن عائشة تتحسر على فوات أمر يتعلق بدينها ولا يترتب عليه تأخير للرفقة؛ لأن فيه مسافة –مدة- تطهر فيه قبل أن يصدر الناس، لكن هذه حاضت وقت مسيرهم -وقت مشيهم- يعني لو لم تكن طافت يوم النحر لترتب عليها أنها تحبسهم، لا بد أن يجلسوا معها، فاختلاف الأسلوب لاختلاف الأحوال، اختلاف الأسلوب هنا مع الأسلوب الأول لاختلاف الحالين.
طالب:.......
أيش لون الثاني؟
طالب:.......
كيف؟
طالب: يعني هذه.. حاضت..
لا لا، بعضهم يقول: إن النبي -عليه الصلاة والسلام- أراد منها ما يريد من أهله بعد أن حلَّ فاعتذرت بالحيض، فقال لها ما قال، لكن الفرق واضح بين حيض عائشة وبقي أكثر من أسبوع -بقي عشرة أيام أو أكثر- على انصرافهم، وبين من حاضت وقت الانصراف يعني لو لم تكن طافت يوم النحر لأصابهم مشقة وحرج عظيم يدعى بمثل هذا عليها لا سيما مع العلم بأنه لا يراد حقيقة الدعاء.
"قالت: بلى قال: «لا بأس، انفري»" لأن طواف الوداع لا يلزم الحائض، خفف عن الحائض بالنسبة لطواف الوداع.
"قالت عائشة: فلقيني رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وهو مصعد من مكة وأنا منهبطة" يعني هو طالع من البيت وأنا داخل البيت، يعني كأنه قال: انتظركما يعني توقع أنه يمديه، يعني في وقت ليطوف للوداع ويرجع إلى مكانه قبل رجوعها، فترك المكان وذهب ليوادع، فخرج من المسجد وهي تدخل.
"وهو مصعد من مكة وأنا منهبطة" نعم داخلة، نعم وهي داخلة إلى مكة، وعلى هذا لا إشكال، وانتظرها بالفعل في مكانه، ووجدته في مكانه -عليه الصلاة والسلام- بعد فراغها.
"أو أنا مصعدة وهو منهبط" هذا عاد أيش؟ يختلف مع الرواية السابقة، فالمرجح أنه مصعد، يعني خارج من مكة بعد أن طاف للوداع، هذا إذا قلنا -مع أن المعارضة لا تسلم أيضاً-؛ لأنه طاف للوداع بعد..، في الرواية الأخرى تدل على أنه طاف للوداع بعد ما جاءت.
"فخرج فمر بالبيت فطاف به قبل صلاة الصبح، ثم خرج إلى المدينة" على كل حال عائشة -رضي الله عنها- طالت بها الحياة بعده -عليه الصلاة والسلام- فعاشت بعده ما يقرب من نصف قرن، ولذلك شكت: أنا منهبطة وهو مصعد أو العكس؟ وقد يكون الشك ممن دونها، ممن دونها، قد يكون الشك ممن دونها، على كل حال هذا لا أثر له، والمسألة واضحة في أنه أعمرها بعد، المسألة التي يحتاج إليها في الأحكام واضحة في أنه أعمرها بعد حجها وانتظرها حتى انتهت من عمرتها وذهبوا جميعاً، والمقطوع به أنه أمر بطواف الوداع وفعله -عليه الصلاة والسلام- لكن يبقى هل طافت أو لم تطف؟ هذه مسألة معروفة عند أهل العلم والبخاري يرجح أنها لم تطف.
قال: وحدثناه سويد بن سعيد: نعم؟
طالب:..لم يكن ساق الهدي ونساؤه لم يسقن..
ما سقن، ما سقن الهدي إيه، ما سقن الهدي.
طالب:.......
فحللن فرجعن بعمرة كاملة، ولذلك حللن ورجعن بعمرة كاملة منفصلة عن الحج، نعم.
طالب: يعني لو المرأة ساقت الهدي زوجها لم يسق تعتبر ساقت الهدي؟
كيف؟
طالب: يعني هذا القيد: تحلل من لم يكن ساق الهدي ونساؤه لم يسقن الهدي؟
يعني ما نوى النبي -عليه الصلاة والسلام- في هديه إدخال النساء، الهدي له خاص، لكنه لما حل يوم العيد أهدى عن نسائه غيره؛ لأنه ساق الهدي من الإبل -من البدن- نعم، وأهدى عن نسائه البقر.
طالب: يا شيخ،.......؟
أهدى عن نسائه البقر.
طالب:.......
هدي وأضحية جاءت بهذا اللفظ وبهذا اللفظ، ومنهم من يحمل الأضحية على الهدي، أما ما أهداه -عليه الصلاة والسلام- هديه من الإبل كما سيأتي.
طالب:.......
يعني يسأل: عائشة بعد طول العهد عشرة أيام نسي، أو ما علم أنها طافت، يقول: يمكن أنها طافت قبل أن تحيض، وإلا دخل عليها بسرف وهي تبكي أيش لون تطوف وهي بسرف حائض؟ لكن لعله نسي -عليه الصلاة والسلام-.
"وحدثناه سويد بن سعيد عن علي بن مسفر عن الأعمش عن إبراهيم عن الأسود عن عائشة -رضي الله عنها- قالت: "خرجنا مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- نلبي لا نذكر حجاً ولا عمرة، وساق الحديث بمعنى حديث منصور" لأنه حصل التعيين في المحرم.
"حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة ومحمد بن المثنى وابن بشار جميعاً عن غندر قال ابن المثنى: حدثنا محمد بن جعفر قال: حدثنا شعبة عن الحكم عن علي بن الحسين عن ذكوان -مولى عائشة- عن عائشة -رضي الله عنها- أنها قالت: "قدم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لأربع مضين من ذي الحجة" يعني خرج من المدينة لخمس بقين من القعدة ودخل مكة، قدم مكة لأربع مضين من ذي الحجة أو خمس فيكون مكثه في الطريق عشرة أيام أو تسعة.
"أو خمس، فدخل عليَّ وهو غضبان: فقلت: من أغضبك يا رسول الله أدخله الله النار"، قال: «أو ما شعرت أني أمرت الناس بأمر فإذا هم يترددون؟»" يعني ما قبلوا، أولاً المشورة -من أحب فليفعل- بعضهم امتثل وبعضهم.
طالب:.......
نعم؟
طالب:.......
من خالف، من خالف الأمر الشرعي يدعى عليه وأيش المانع، يدعى عليه، نعم؟
طالب:.......
"فقلت: من أغضبك يا رسول الله أدخله الله النار، قال: «أو ما شعرت أني أمرت الناس بأمر فإذا هم يترددون؟»، قال الحكم: «كأنهم يترددون»" هناك جزم «فإذا هم يترددون»، والحكم في روايته قال: "«كأنهم يترددون» أحسب، «ولو أني استقبلت من أمري ما استدبرت ما سقت الهدي معي حتى أشتريه، ثم أحل كما أحلوا»" وهنا «لو أني»" (لو) تأسف على أمر ديني، وإلا في أمور الدنيا لا يجوز أن يتأسف عليها بـ(لو)؛ لأنها تفتح عمل الشيطان.
"وحدثناه عبيد الله بن معاذ قال: حدثنا أبي حدثنا شعبة عن الحكم سمع علي بن الحسين عن ذكوان عن عائشة -رضي الله عنها- قالت: "قدم النبي -صلى الله عليه وسلم- لأربع أو خمس مضين من ذي الحجة بمثل حديث غندر، ولم يذكر الشك من الحكم في قوله: «يترددون»".
"وحدثنا محمد بن حاتم قال: حدثنا بهز قال: حدثنا وهيب قال: حدثنا عبد الله بن طاووس عن أبيه عن عائشة -رضي الله عنها- أنها أهلت بعمرة، فقدمت ولم تطف بالبيت حتى حاضت، فنسكت المناسك كلها وقد أهلت بالحج، فقال لها النبي -صلى الله عليه وسلم- يوم النفر: «يسعك طوافك لحجك وعمرتك»" يعني يكفي أنك طفت وسعيت يكفي -يوم النحر- للحج والعمرة؛ لأنها قارنة، والقارن لا يلزمه أكثر من طواف واحد وسعي واحد، كالمفرد تماماً، وإن قال الحنفية يلزمه طوافان وسعيان.
"فأبت" أن ترجع بما صورته من صورة النسك الواحد، يعني أمر في نفسها تريد أن ترجع مثل صواحبها.
"فأبت، فبعث معها عبد الرحمن إلى التنعيم فاعتمرت بعد الحج".
"وحدثني حسن بن علي الحلواني قال: حدثنا زيد بن الحباب قال: حدثني إبراهيم بن نافع حدثني عبد الله بن أبي نجيح عن مجاهد عن عائشة -رضي الله عنها- أنها حاضت بسرف فتطهرت بعرفة" وهناك طهرت يوم النحر، وعرفنا أنها رأت مبادئ الطهر في يوم عرفة ورأت الطهر الكامل في يوم النحر.
"فقال لها رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «يجزئ عنك طوافك بالصفا والمروة عن حجك وعمرتك». وحدثنا يحي بن حبيب الحارثي قال: حدثنا خالد بن الحارث قال: حدثنا قرة قال: حدثنا عبد الحميد بن جبير بن شيبة، حدثتنا صفية بنت شيبة قالت: قالت عائشة -رضي الله عنها-: يا رسول الله، أيرجع الناس بأجرين" أجر عمرة مستقلة وأجر حج مستقل، "وأرجع بأجر واحد" وإن كان شاملاً للنسكين.
"فأمر عبد الرحمن بن أبي بكر أن ينطلق بها إلى التنعيم، قالت: فأردفني خلفه" نعم هو محرم؛ أخوها يردفها خلفه، والإرداف على الدابة إذا كانت تطيقه جائز.
"قالت: فجعلت أرفع خماري أحسره عن عنقي، فيضرب رجلي بعلة الراحلة": اختلف الشراح في معنى هذا الكلام، ترفع خمارها لتكشف وجهها فيضربها أخوها غيرة عليها، لكن عذرها، ما عذرها؟ نعم؟
طالب:.......
نعم، "قلت له: "وهل ترى من أحد" يعني الطريق خالي، خالي ما فيه أحد، بليل وما فيه أحد أبداً، تكشف ويضربها غيرة عليها، نعم، نعم التساهل مع النساء مهما كان..، يعني هذه أم المؤمنين، يعني الخلاف في المفاضلة بينها وبين..، هل هي أفضل النساء أو خديجة أفضل منها؟
مسألة خلافية بين أهل العلم، لكن «فضل عائشة على النساء كفضل الثريد على سائر الطعام»، يعني فضلها واضح؛ أم المؤمنين -رضي الله عنها-، لكن مع ذلك هذا درس لمن يأت بعد، التساهل مع النساء مهما كنَّ، لا ينبغي التساهل مع النساء، ولا يقول: هذه من بيت علم، أو بيت فضل، أو من بيت عبادة، لا، لا لا.
"وهل ترى من أحد" يعني الطريق ما فيه أحد خالي، ومع ذلك يضربها.
"قالت: فأهللت بعمرة، ثم أقبلنا حتى أتينا إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وهو بالحصبة".
"حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وابن نمير قالا: حدثنا سفيان عن عمرو، أخبره عمرو بن أوس قال: أخبرني عبد الرحمن بن أبي بكر أن النبي -عليه الصلاة والسلام- أمره أن يردف عائشة ويعمرها من التنعيم" والله أعلم، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
"