شرح سنن أبي داود - كتاب الطهارة (16)
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين، أما بعد:
فيقول الإمام أبو داود السجستاني في سننه رحمه الله تعالى "باب في التسمية على الوضوء" باب في التسمية على الوضوء يعني قول بسم الله في بدايته أي ما حكمها هل تشرع أو لا تشرع؟ وذكر من الأحاديث ما يدل على شرعيتها بل على شرطيتها لصحة الوضوء على خلاف بين أهل العلم في ثبوت الخبر وفي الاستدلال به على الشرطية أو نفي الكمال أو نفي الثواب المرتَّب على الوضوء يأتي في ذكر المتن إن شاء الله تعالى قال رحمه الله "حدثنا قتيبة بن سعيد" قال "حدثنا محمد بن موسى عن يعقوب بن سلمة" الليثي "عن أبيه" سلمة مولى بني ليث ولا يُعرف له سماع عن أبي هريرة كما قرر ذلك أهل العلم "عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- «لا صلاة لمن لا وضوء له لا صلاة لمن لا وضوء له»" نفي الصلاة هنا نفي للصحة بدلائل كثيرة متظافرة وأن الطهارة شرط لصحة الصلاة «لا يقبل الله صلاة من أحدث حتى يتوضأ» «لا تقبل صلاة بغير طهور» وهنا يقول «لا صلاة لمن لا وضوء له» الذي لم يتوضأ لا تصح صلاته لأنها شرط من شروطها ثم قال "«ولا وضوء لمن لم يذكر اسم الله عليه ولا وضوء لمن لم يذكر اسم الله عليه»" هذا محل الخلاف هذه الجملة لو ثبتت لصارت حجة لمن يقول باشتراط التسمية على الوضوء ولكن قال الإمام أحمد لا يثبت في التسمية حديث لا يثبت في التسمية حديث وبعضهم صحح الحديث بشواهده وهو مخرَّج عند أحمد والنسائي وابن ماجه عن أنس أيضًا وهو شاهد لحديث أبي هريرة ولا وضوء لمن لم يذكر اسم الله عليه سيأتي تأويل ربيعة لهذه الجملة وأنه حملها على النية ثم قال رحمه الله "حدثنا أحمد بن عمرو بن السرح" قال "حدثنا ابن وهب" وهو عبد الله بن وهب "عن الدراوردي" عبد العزيز بن محمد "قال وذكر ربيعة" بن عبد الرحمن المعروف بربيعة الرأي شيخ مالك أن تفسيره يعني لهذا الحديث أو تفسير هذا الحديث "تفسير حديث النبي -عليه الصلاة والسلام- «لا وضوء لمن لم يذكر اسم الله عليه» أنه الذي يتوضأ ويغتسل" يعني حمل هذا اللفظ "أنه الذي يتوضأ ويغتسل ولا ينوي وضوءًا للصلاة ولا غسلاً للجنابة" ولا شك أن النية شرط لصحة الوضوء كما أنها شرط لصحة الغسل عند عامة أهل العلم خلافًا لأبي حنيفة الذي لا يرى النية شرط للوضوء ولا للغسل وإن اشترطها للتيمم ربيعة إمام معروف عُرِف بربيعة الرأي وله أيضًا مشاركة قوية في الرواية يعني ليس هو من أهل الرأي المحض هو شيخ مالك وروي عنه عدة أحاديث كثيرة وكونه يلقَّب بربيعة الرأي لقوة فهمه للأحاديث ولكثرة تأويله لها فما هنا الذي عندنا يدل على أن عنده شيء من الرأي وأنتم تعرفون أن العلماء يتفاوتون الذين يتصدون للعلوم الشرعية منهم من روايته تغلب عليه ومنهم من رأيه يغلب عليه ومنهم من جمع الله له بين الرأي والرواية أقول أهل العلم يتفاوتون فمنهم من تغلب عليه الرواية ويقل بيان الرأي من قبله لما يروي وهؤلاء أهل الحديث الصِّرف ومنهم من يغلب عليه الرأي ومنهم من عنده رواية لكن بيانه وتأويله وتوجيهه لما يروي غالب ومنهم من يجمع الله له بين الرأي والرواية فيطوِّع الرأي للرواية وهذا قد جمع الأمرين وهو الأكمل ولو نظرنا في الشيوخ من المتقدمين والمتأخرين وجدنا أن بعضهم وهو يفسِّر كلام الله أو يشرح حديث رسول الله -صلى الله عليه وسلم- تجد أن أغلبه يدور في كلام أهل العلم في التعامل مع هذه الأحاديث وهذه الآيات كيف يتعامل معها؟ فتطغى عليه القواعد الأصولية والنحوية ويكثر الكلام في ذلك ويشرح حديثًا واحدًا في ساعة يتناوله من هذه الجهات وبعضهم يشرح في الساعة الواحدة عشرة أحاديث يقتصر على فهمها الظاهر ولا يطيل في إقحام العلوم الأخرى في الرواية وبعضهم من يتوسَّط يعني لو رأيتم طريقة الشيخ ابن باز رحمة الله عليه وقد جمع الله له بين الأمرين لرأيتم أن هذه مدرسة مستقلة ولها نظائر في المتقدمين لكن لو نظرنا في الشيخ الألباني رحمة الله عليه واهتمامه بالرواية والحديث وألفاظها لرأينا أنه مدرسة ثانية يختلف قليلاً عن الشيخ ابن باز لا نقول بعيدًا لكن بينهما اختلاف بينما الشيخ ابن عثيمين رحمة الله عليه وكلامه في الأحاديث ونظره فيها وتعامله معها على ضوء جميع العلوم لوجدناه مدرسة مستقلة ربيعة الرأي له نظر في الأحاديث ولذلك قيل له الرأي يعني ما يكتفي برواية الحديث واستنباط الظاهر منه انظروا إلى تأويله لقوله في الحديث «لا وضوء لمن لم يذكر اسم الله عليه» يقول أنه الذي يتوضأ ويغتسل ولا ينوي وضوءًا للصلاة ولا غسلاً للجنابة فحمله على النية والذكر هنا ضد النسيان يعني جاء وتوضأ ما تذكر أنه يتوضأ ما تذكر أنه يتوضأ وعلى هذا فإنه لم يستحضر نية لهذا الوضوء فحمل الذكر ذكر اسم الله يعني يعني على النية من هذه الحيثية يعني ما ذكر كأنه نسي فعدم الذكر هنا هو عدم استحضار النية ولا شك أن هذا وإن قال به ابن حبيب من المالكية وغيره إلا أنه خلاف الظاهر خلاف الظاهر من الحديث فالظاهر حمله على البسملة على التسمية لم يقل بسم الله هذا ظاهره ولو صحّ لتوجه اشتراط البسملة لكنه لم يصح عند جمع من أهل العلم وما ذكر عن الإمام أحمد أنه لم يثبت في التسمية شيء يجعل الأمر فيه سعة من هذه الحيثية وإن كان الحنابلة يرون أن التسمية عند الذكر واجبة التسمية عند الذكر واجبة وتسقط مع النسيان والجمهور على أنها مستحبة ليست واجبة وليست بشرط ليست واجبة وليست بشرط على كل حال الحديث له شواهد من حديث أنس وغيره وبهذا ولهذا قبله بعض أهل العلم واحتجوا لكن العامة عامة أهل العلم لا يرونها واجبة وإنما هي من باب الاستحباب لا وضوء كامل لا وضوء كامل لمن لا يذكر اسم الله عليه وما ذكره الإمام أبو داود عن ربيعة صحيح صحيح إلى ربيعة صحيح إلى ربيعة ويُسمى عند أهل العلم مرفوع والا موقوف والا مقطوع؟ مقطوع لأن ربيعة تابعي ثم قال رحمه الله "بابٌ في الرجل يدخل يده في الإناء قبل أن يغسلها" بابٌ في الرجل يدخل يده في الإناء قبل أن يغسلها يعني ما الحكم؟ قال رحمه الله "حدثنا مسدد" وهو ابن مسرهد شيخ الأئمة كلهم قال "حدثنا أبو معاوية" محمد بن خازم الضرير "عن الأعمش" سليمان بن مهران "عن أبي رَزِيْن" مسعود بن مالك "وأبي صالح" ذكوان السمَّان "عن أبي هريرة قال قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- «إذا قام أحدكم من الليل إذا قام أحدكم من الليل فلا يغمس يده في الإناء حتى يغسلها ثلاث مرات فإنه لا يدري أين باتت يده»" والحديث مخرَّج في الصحيحين وغيرهما «إذا قام أحدكم» يعني استيقظ كما في بعض الروايات «من الليل» يعني من نوم الليل «من الليل» وقوله من الليل يخرج نوم النهار ومنهم من يقول أن هذا القيد جاء على الغالب في النوم وأنه يكون في الليل ومنهم من يقول أن التخصيص أو التقييد بالليل لأنه هو الذي يطول فيحصل فيه ما يحصل مما يأتي ذكره بخلاف نوم النهار فإنه يكون خفيفًا قليلاً لا يحصل فيه ما عُلِّق عليه الحكم «إذا قام أحدكم من الليل» يعني من نوم الليل «فلا يغمس يده في الإناء» يعني فلا يدخل يده في الإناء الذي فيه الماء ماء الوضوء أما إناء فارغ ما فيه شيء لا يُقصَد به هذا الحديث وإنما المقصود فلا يغمس يده في الماء الموجود في الإناء الذي يريد أن يتوضأ منه «حتى يغسلها ثلاث مرات حتى يغسلها ثلاث مرات» والعلة في ذلك «فإنه لا يدري أين باتت يده فإنه لا يدري أين باتت يده» فلا يغمس نهي والأصل في النهي التحريم يقابله وجوب الغسل ثلاث مرات قبل أن يدخلها في الإناء الغسل واجب ولكن العلة «فإنه لا يدري أين باتت يده» هل تقتضي الوجوب أو تصرف هذا الأمر من الوجوب إلى الاستحباب لأن من أهل العلم من يصرف الأمر والنهي بالعلة إذا كانت العلة تقتضي الوجوب وتدعم الأصل الذي هو الأمر دل على الوجوب وإذا كانت العلة لا تقتضي الوجوب فإنها تصرف تكون صارفًا عند أهل العلم من الوجوب إلى الاستحباب فإذا نظرنا في العلة فإنه لا يدري أين باتت يده يعني من يقول بالوجوب يقول يُؤمر بغسلها تعبدًا مع أن قول تعبد مع التنصيص على العلة التنصيص على العلة منصوصة ما فيها اجتهاد يقول «فإنه لا يدري أين باتت يده» لماذا يغسل يديه ثلاثًا قبل أن يدخلها في الإناء؟ لأنه لا يدري أين باتت يده ومنهم من يقول أنها للتعبد وعلى هذا يلزم ويجب أن تُغسَل ثلاثًا إذا قلنا تعبدًا وإذا نظرنا إلى العلة فإن العلة لا تنهض على الوجوب لماذا؟ لأن الأصل الطهارة وارتفاع هذه الطهارة بكونه لا يدري أمر مشكوك فيه والشك لا يزيل اليقين والشك لا يزيل اليقين والعلماء يختلفون في حكم غسل اليدين وإدخال اليدين قبل غسلها ثلاثًا في الإناء فمنهم من ذكرنا أنهم قالوا أنه يجب عليه غسل اليدين لأن هذا الأمر والأمر أصله للوجوب ولا يدخلهما فلا يغمس هذا نهي والأصل في النهي التحريم وقالوا أن العلة تعبدية «فإنه لا يدري» الذين نظروا إلى العلة قالوا للاستحباب وإلا فالحديث في الصحيحين لا كلام فيه «فإنه لا يدري أين باتت يده» العلة صارفة وقالوا إنهم كانوا في الحجاز في بلاد حارة والثياب عندهم شحيحة فيمكن أن تطوف يده على محل عورته وقد استجمر بالحجارة والحجارة لا تزيل الأثر بالكلية ثم مع الحر والعرق تسيل هذه البواقي التي لم يزلها الحجر إلى مواضع أخرى من محل النجاسة فيمسها بيده فتنتقل إليها النجاسة فيجب غسلها حينئذٍ لكن قوله «فإنه لا يدري» لا يزال في دائرة الشك في مقابل يقين الطهارة وهؤلاء الذين عللوا بهذا قالوا لو ربطها لو ربطها لو ربط يده ووثق أنها لم تصل إلى مواضع النجاسة أو أدخلها في كيس أو أدخلها في كيس فإنه لا يطالَب بغسلها قبل غمسها في الإناء لأن العلة ارتفعت والحكم يدور مع علته وجودًا وعدمًا انتفت العلة فانتفى الحكم ومما ذكر مما ذكره الحافظ ابن رجب وابن كثير وجمع من أهل العلم فيمن تساهل بالسنة أو استخفّ بها ذكروا أن شخصًا قال أنا أدري أين تبيت يدي الرسول «فإنه لا يدري أين باتت يده» قال أنا أدري أين باتت يده فربط يده فربط يده في مكان لا يستطيع الوصول إلى موضع النجاسة قال أنا أدري أين باتت يدي فلما استيقظ من نومه فإذا يده داخلة في دبره وهذا سببه الاستخفاف بالسنة مثل ما قالوا بالنسبة لمن تسوّك في دبره تسوك في دبره وهذا ذكروه العلماء ابن كثير وغيره ذكروا هذا وقالوا أنه بعد أحس بآلام في بطنه أحس بآلام في بطنه ومازالت هذه الآلام تزداد وانتفخ بطنه وبعد مضي تسعة أشهر ألقى قطعة لحم لها صوت لها صوت مازالت تصرخ حتى جاءت بنت هذا الرجل فرضختها بحجر فسكتت ماتت يعني انقطع الصوت هذه القصص التي يوردها أهل العلم ومثل من قال «وإن الملائكة لتضع أجنحتها لطالب العلم رضى بما يصنع» قال بعضهم أنه يضع في نعليه مسامير ليطأ أجنحة الملائكة مستخف فساخت به الأرض هذا الكلام عند بعض الذين يكتبون في وقتنا هذا ممن لا يقيمون لشرع الله وزنًا وهم أيضًا يستخفون به ورأوا أنه ما عوقبوا مثل هؤلاء رأوا أن مثل هذه الأمور أساطير من سواليف العجايز لكن نسأل الله العافية المسألة أعظم من ذلك الاستخفاف بدين الله وبشرع الله ردة نسأل الله العافية ردة يعني إذا ثبت الخبر الرسول يقول «فإنه لا يدري أين باتت يده» يقول أنا أدري فيستحق مثل هذه العقوبة وكذلك من استاك في دبره والأصل أن التسوك للأسنان والفم والذي قال أنه يطأ أجنحة الملائكة بالمسامير أيضًا يستحق مثل هذه العقوبة وذكرها أهل العلم مقررين لها فعلى الإنسان ألا يستخف بشيء من دين الله ومن شرع الله ونحن نسمع الكلام الكثير عن اللحى هؤلاء المستخفون أرقّاء الدين يرمون أصحاب اللحى بالغفلة وأن ذا اللحية الطويلة تغلب عليه الغفلة وأنه مغفَّل وهذا مذكور في كتب الأدب وهذا مذكور في كتب الأدب القديمة ويرددونه الآن ويلحقون به التهم وأنه من باب التحليل النفسي عندهم البعيد كل البعد عن شرع الله وعما جاء به رسوله -عليه الصلاة والسلام- ولذلك تساهلوا في الأخذ منها لئلا يرموا بالغفلة لأن طويل اللحية في كتب المتقدمين مغفَّل الرسول -عليه الصلاة والسلام- كان كث اللحية تُعرف قراءته من خلفه باضطراب لحيته هل نقول الرسول مغفَّل؟! حاشا وكلا! شخص قام من نوم الليل فغمس يده في الإناء قبل أن يدخلها فغمس يده في الإناء قبل أن يغسلها عند الجمهور الذين يقولون الغسل للاستحباب الماء يتأثر والا ما يتأثر؟ لا يتأثر الماء طهور ويرفع الحدث ولا إشكال فيه إلا أنه قالوا فعل خلاف الأولى ومن يقول بوجوب غسلها وتحريم إدخالها في الإناء قبل غسلها ثلاثًا يقول إن الماء ينتقل من كونه طهور مطهِّر إلى كونه طاهر لا يرفع الحدث وهذا معروف عند مَن؟ الحنابلة معروف عند الحنابلة ولا شك أن الحديث فيه أمر صريح وفيه نهي عن غمسها قبل أن يغسلها ثلاثًا ولكن تأثُّر الماء بأمر مظنون مشكوك فيه ولم يتغير فيه أي وصف لا شك أنه ارتكب محرَّم فالنهي صريح والأمر صحيح فهو ارتكب محرَّم لكن تأثيره على الماء محل نظر الماء لم يتأثَّر ولم يتغيَّر بنجاسة ولا بما يحيله عن كونه يسمى ماء كما لو سرق دلوًا فاستخرج به ماء فتوضأ به هو ارتكب محرَّم ارتكب محرَّم بلا شك وهو آثم بهذا لكن الوضوء له أثر؟ لا أثر له توضأ بماء طاهر فوضوؤه رافع للحدث وإن ارتكب محرم طيب توضأ بآنية ذهب أو فضة يعني الإناء الوعاء الذي يتوضأ منه غير الإناء الذي يستخرج به الماء للشرب أو للطبخ أو للوضوء أو لأغراض متعددة هذا متمحض للوضوء وهذا أقرب إلى الغاية والقول بعدم تصحيح الوضوء أقرب منه في المسألة السابقة يعني أيهما أقرب إلى الغاية كون إنسان يتوضأ بآنية ذهب أو مغصوبة أو يستخرج الماء من البئر بدلو مغصوب يعني لو توضأ من هذا الدلو المغصوب صار مثل الآنية لكن أفرغه في إناء يملكه وطاهر ما فيه إشكال وتوضأ لا شك أنه في الصورة الأولى إذا توضأ من الإناء المحرَّم أقرب إلى الغاية والقول بعدم صحة وضوئه له وجه بخلاف الصورة الأولى لكن هل.. نرجع إلى الأصل والقاعدة في هذا أن النهي إذا عاد إلى ذات المنهي عنه إلى ذات العبادة أو إلى شرطها فإنها لا تصح إذا عاد إلى أمر خارج تصح مع التحريم وذكرنا المثال مرارًا فيمن توضأ وعليه سترة حرير فرق بينه وبين من عليه عمامة حرير أو في أصبعه خاتم ذهب هذا أمر خارج لا يؤثر مع التحريم فكونه يتعبد بمحرَّم يعني مع اتحاد الجهة هذا لا شك أنه مبطِل وأما كونه يتعبد بشيء تنفك فيه الجهة هو محرم لكن لا علاقة له بالعبادة مثل ما قلنا في خاتم الذهب أو عمامة الحرير أو الدلو الذي استخرج به من البئر يختلف عما إذا باشر فيه العبادة يعني اجتمع التحريم والعبادة في محز واحد وفي محل واحد وجهة واحدة خلافًا للظاهرية الذين يقولون كل محرم يقتضي التحريمية والبطلان معًا هذا قولهم وعلى هذا إذا غمس يده في الإناء هذا أمر خارج عن الطهارة لكن مع ذلك لم يؤثِّر في الماء لا في لونه ولا في طعمه ولا في ريحه ولا تأثر الماء بشيء نعم هو ارتكب محرمًا والماء طاهر خلافًا للحنابلة والذين يقسمون الماء قسمين وهو المعروف عند المالكية ويرجحه شيخ الإسلام يقول من الأصل عندهم هذا لا يدخل الماء ما فيه نجاسة ولا يتأثر بها فهو رافع للحدث سواء قلنا طهور أو قلنا طاهر «فإنه لا يدري أين باتت» وفي بعض الروايات ما فيها القيد من الليل لكن فُهِم القيد بالليل من قوله «أين باتت يده» فالمبيت لا يكون إلا بالليل حديث «وعين باتت تحرس في سبيل الله وعين باتت تحرس في سبيل الله» هل المقصود بذلك الحراسة بالليل دون النهار؟ قالوا الحراسة حماية الثغور شاملة لليل والنهار الوعد ثابت لمن حرس الثغور بالليل أو بالنهار بعضهم يقول لا فرق بين نوم الليل ونوم النهار لا فرق بين نوم الليل ونوم النهار والتنصيص على الليل لأنه هو الذي يطول وهو الأصل في النوم خلاف النهار ذكرنا أن المذهب عند الحنابلة أنه ينتقل من كونه طهور إلى طاهر وذهب داود ومحمد بن جرير الطبري إلى أنه ينجس إذا غمس يده قبل أن يغسلها ثلاثًا ينجس الماء ينجس الماء يستدل بهذا من يفرِّق بين ورود النجاسة على الماء وورود الماء على النجاسة فإذا غمس يده في الإناء تأثَّر لكن إذا صبَّ الماء على اليد؟ لا يتأثر ويغسلها وينظفها ومثله حديث الأمر بصب الماء على بول الأعرابي قالوا هذا وارد على النجاسة يعني جيء بسجل من ماء بذَنوب من ماء بدلو من ماء فصُب على بول الأعراب فطهرها فطهر الأرض وأزال أثر النجاسة لكن لو بال إنسان في دلو أو في ذَنوب طاهر والا نجس؟ نجس بالاتفاق نجس بالاتفاق فالتفريق بين ورود النجاسة على الماء وورود الماء على النجاسة يتسدل عليه بهذا الحديث وبحديث الأمر بصب الماء على بول الأعرابي ثم قال رحمه الله "حدثنا مسدد" قال "حدثنا عيسى بن يونس" مسدد هو ابن مسرهد الوارد في أحاديث كثيرة سابقة وهو شيخ الأئمة قال حدثنا عيسى بن يونس بن أبي إسحاق السبيعي "عن الأعمش" سليمان بن مهران "عن أبي صالح" ذكوان السمَّان "عن أبي هريرة عن النبي -صلى الله عليه وسلم- يعني بهذا الحديث" عن أبي هريرة يحدث بهذا الحديث عن أبي هريرة السابق "قال" عيسى بن يونس في حديثه حتى يغسلها "مرتين أو ثلاثًا" حتى يغسلها مرتين أو ثلاثًا وأو هنا للشك الشك الوارد في هذه الرواية مرفوع في روايات أخرى صحيحة ثابتة فالشك هنا لا أثر له فالمعتمد الثلاث "ولم يذكر أبا رَزِيْن" يعني المذكور في الرواية السابقة عن الأعمش عن أبي رزين عن أبي صالح في هذه الرواية لم يذكر أبو رزين والحديث هو الحديث السابق إلا في مسألة أو ثلاثًا وأو هنا للشك وبعضهم يقول هذه ليست من الراوي وإنما هي من أصل الحديث من أصل الحديث وتكون حينئذٍ للتقسيم والتنويع أو للتخيير إن شاء غسلها ثلاثًا وإن شاء غسلها مرتين أو للتنويع بأن يكون نوع من ممن قام من نوم الليل لاسيما إذا قصر يغسلها مرتين وإذا طال يغسلها ثلاثًا لكن حتى ولو قلنا بأنها مرفوعة فإنها تكون مرجوحة والرواية السابقة راجحة عليها التي لا شك فيها قال رحمه الله "حدثنا أحمد بن عمر بن السرح" مخرج له في مسلم والنسائي وابن ماجه وهو ثقة "ومحمد بن سلمة المرادي" مخرج له أيضًا في مسلم وأبي داود والنسائي كسابقه وهو ثقة محمد بن سلمة المرادي أبو الحارث المصري "قالا" أحمد بن عمرو بن السرح ومحمد بن سلمة المرادي الاثنان "قالا حدثنا ابن وهب" عبد الله بن وهب الإمام المصري المحدِّث الفقيه "عن معاوية بن صالح" بن حُدير وهو ثقة أيضًا "عن أبي مريم" عن أبي مريم عبد الرحمن بن ماعز الأنصاري لا بأس به مخرَّج له عند أبي داود كما ترون وعند الترمذي أيضًا "قال سمعت أبا هريرة يقول سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول «إذا استيقظ أحدكم من نومه فلا يُدخل يده في الإناء حتى يغسلها ثلاث مرات فإن أحدكم لا يدري أين باتت يده»" إلى هذا الحد صحيح بما تقدم أبو مريم لا بأس به لا يصل حديثه إلى الصحة لكن مع ما تقدم من الأحاديث الصحيحة التي تتفق معه باللفظ يصح بها وزيادة أين كانت تطوف فيه يده «أو أين كانت تطوف يده» المعنى واحد الشك هنا وهو متردد بين رواية صحيحة لا شك فيها وبين رواية وجملة مشكوك فيها حكم عليها بعض أهل العلم بأنها شاذة وهي لم تأت بمعنى جديد لكن المحفوظ قوله «فإن أحدكم لا يدري أين باتت يده» والذي يقابل المحفوظ عند أهل العلم الشاذ ثم قال رحمه الله "باب صفة وضوء النبي -صلى الله عليه وسلم-" باب صفة وضوء النبي -صلى الله عليه وسلم- الصفة مصدر وصف كوعد صفة وعدة وهي المعنى القائم وهي المعنى القائم بالغير والمراد بها هنا الكيفية ويقرب من الصفة في المعنى النعت النعت ويقولون أن الصفة لما يطرأ ويزول والنعت للثابت ومنهم من يقول هما مترادفان منهم من يقول هما مترادفان على قول من يثبت الترادف من كل وجه وأما من ينفي الترادف وأنه لا يوجد كلمتان متطابقتان من كل وجه فإنه يقول هذه لها معنى وهذه لها معنى وإن تقاربا وفي كتب النحو يذكرون باب النعت يذكرون باب النعت وبعضهم يعبِّر بالصفة وبعضهم يعبِّر بالصفة وفي الإعراب يعربون بعض الكلمات نعت وقد يعربونها بأنها صفة للتقارب في المعنى والمراد المعنى القائم بالغير الوصف القائم بالغير هذا يسمونه صفة والمراد بها هنا الكيفية قال رحمه الله "حدثنا الحسن بن علي الحلواني" قال "حدثنا عبد الرزاق" وهو ابن همام قال "أخبرنا معمر" يعني ابن راشد "عن الزهري" محمد بن مسلم بن شهاب الإمام المشهور "عن عطاء بن يزيد الليثي عن حمران ابنِ أبَان مولى عثمان بن عفان" الزهري وعطاء وحمران الثلاثة من التابعين ففيه ثلاثة من التابعين يروي بعضهم عن بعض في نَسَق وهذا كثير أقل منه أن يكون في السند أربعة من التابعين يروي بعضهم عن بعض وأما خمسة فنادر والستة لا يوجدون إلا في حديث واحد يتعلق بفضل سورة الإخلاص مخرَّج عند النسائي وأفرده الخطيب البغدادي بجزء خاص عن حمران ممنوع من الصرف مجرور بالفتحة.
وجُر بالفتحة ما لا ينصرف
|
|
ما لم يُضف أو يكُ بعد (ال) ردف
|
ابن أبان حمران ممنوع من الصرف وعثمان ممنوع من الصرف وعفان ممنوع من الصرف، وأبَان؟
طالب: ...........
إذا كانتا زائدتين فهو ممنوع وإن كانت النون أصلية من الإبانة فهو مصروف يقول أهل العلم من منع أبَان فهو أتان من منع أبان فهو أتان مع أن ابن مالك صاحب الألفية يمنعه من الصرف وهو مثل ما تقدم وما تأخر يقال فيه مثل ما تقدم إن كانت النون أصلية له حكم وإن كانت زائدة فله حكم إن كان من الإبانة والقطع والنون أصلية فهو إيش؟ مصروف وإذا كان من الإباء والرفض والامتناع مثل حسان إن كان من الحس شيء وإن كان من الحسن شيء آخر وعفان من العفة والا من العفن والا من.. كل هذه يعني الأمر فيه سعة لكن كونهم يخصون أبان هذه غضبة ممن قالها لأنه كان فيه نزاع واحتد النزاع قالوا ممنوع قالوا لا لا ما هو ممنوع من كذا فأطلق هذه الكلمة وإلا هو مثل غيره مثل اللي تقدم وتأخر "عن حمران بن أبان مولى عثمان بن عفان" الخليفة الراشد قال رأيت عثمان قال حمران "رأيت عثمان بن عفان توضأ" والماضي يراد به الشروع في الوضوء الشروع في الوضوء لأن الإفراغ على اليدين هي البداية يعني شرع في الوضوء "فأفرغ" لا أنه انتهى وفرغ من الوضوء فأفرغ مثل {وَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرآنَ} [سورة الإسراء:45] إذا أردت القراءة خلافًا لمن يقول إذا فرغت كالظاهرية وهذا أمثلته كثيرة جدًا "فأفرغ على يديه ثلاثًا فغسلهما" وهذا الغَسل لليدين مستحب مستحب ولذا لا يرفع الحدث عن اليدين المراد باليدين الكفين ما يكتفي به فيغسل من المفصل إلى المرفق يقول الكفين غسلتهما لأنه لا يصح غسلهما قبل الوجه عند من يقول بالترتيب وهذا الغسل إنما للتنظف قبل الشروع في الوضوء "فأفرغ على يديه ثلاثًا فغسلهما ثم تمضمض واستنثر" ثم تمضمض واستنثر الاستنثار هذا يكون بعد الاستنشاق لأن المضمضة إدخال الماء في الفم وتحريكه بعضهم لا يرى التحريك من مسمى المضمضة لكن المضمضة صيغتها تقتضي التحريك المضمضة صيغتها تقتضي التحريك كالخضخضة وتمضمض.. وهل من مسمى المضمضة المَج؟ يعني حركه في فمه ثم مَجه هذه هي المضمضة أو حركه ولو ابتلعه يسمى تمضمض خلاف بين أهل اللغة وكثير منهم يرى أن المَج من مسمى المضمضة واستنثر يعني بعد أن استنشق أدخل الماء في أنفه بالنفس والاستنثار إخراج الماء من الأنفس بالنفس "ثم تمضمض واستنثر ثم غسل وجهه ثلاثًا وغسل يده اليمنى إلى المرفق ثلاثًا ثم اليسرى مثل ذلك ثم مسح رأسه ثم غسل قدمه اليمنى ثلاثًا ثم اليسرى مثل ذلك ثم قال رأيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم-" إلى آخره الآن قلنا أن غسل اليدين ثلاثًا إذا لم يكن قائمًا من النوم فإنه مستحب عند أهل العلم قاطبة المضمضة والاستنشاق والاستنثار قبل غسل الوجه جاءت به السنة وأما ما جاء في كتاب الله فالبداءة {فاغْسِلُواْ وُجُوهَكُمْ} [سورة المائدة:6] بالوجه وفي الحديث «توضأ كما أمرك الله» وعلى هذا فحكم المضمضة والاستنشاق.. خلاف لكن الذي يقول يعمل بحديث «توضأ كما أمرك الله» يرى الاستحباب والذين يقولون بالوجوب أن المضمضة والاستنشاق داخلة فيما أمر الله به لأن الأنف والفم من مسمى الوجه من مسمى الوجه فالمضمضة والاستنشاق واجبة تبعًا لغسل الوجه لأنهما من الوجه الذين لا يرون المضمضة ولا الاستنشاق يقولون الوجه ما تحصل به المواجهة فهل الإنسان يواجه نفسه فاغرًا فيه يفغر فاه ويقول أنا أواجه الناس بهذا فلا تحصل المواجهة بالفن وكذلك الأنف عند من يقول بهذا ولا شك أن هذا تكلُّف يعني جميع من وصف جميع من وصف وضوءه -عليه الصلاة والسلام- ذكر المضمضة والاستنشاق وجاء الأمر بهما «وبالغ في الاستنشاق إلا أن تكون صائمًا» «إذا توضأت فمضمض» على كل حال الأوامر الزائدة مع فعله -صلى الله عليه وسلم- بيانًا لما أوجب الله في آية الوضوء يدل على وجوب المضمضة والاستنشاق خلافًا لمن زعم أنهما.. أنها زائدة على ما أمر الله به ثم غسل وجهه ثلاثًا من منابت الشعر إلى الذقن ويجب غسل جزء من الرأس تبعًا للوجه لأنه ما لا يتم الواجب إلا به لا يتم استيعاب الوجه إلا بغسل جزء من الرأس وهذا مثال يذكره العلماء في الأصول مما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب ومثَّلوا بغسل جزء من الرأس تبعًا للوجه لأنه لا يتم إلا به وأما حده من الأذن إلى الأذن بالنسبة للعرض والطول كما ذكرنا وغسل يده اليمنى إلى المرفق ثلاثًا إلى حرف غاية يدخل فيها المغيى أو لا يدخل خلاف بين أهل العلم لكن من وصف وضوءه -عليه الصلاة والسلام- ذكر أنه أدار الماء على مرفقيه فالغاية داخلة مع أن في لغة العرب ما يدل على دخولها في بعض الأمثلة وعدم دخولها في أمثلة فالسياق هو الذي يحدد غسل يده اليمنى إلى المفرق ثلاثًا ثم اليسرى مثل ذلك في القرآن {وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ} [سورة المائدة:6] ما فيه تفصيل بتقديم اليمنى على اليسرى ولذلك قالوا أنهما في حكم العضو الواحد فيستحب تقديم غسل اليمنى على اليسرى للبيان الذي جاء عنه -عليه الصلاة والسلام-.
قال حمران ثم غسل يعني عثمان وجهه ثلاثًا يعني ثلاث مرات مع الاستيعاب وغسل يده اليمنى إلى المرفق ثلاثًا يعني من أطراف الأصابع إلى المرفق وغسل الكفين قبل البداءة بالوضوء لا يجزئ ولا يرفع الحدث لأنه مستحب والغسل له ما وقع قبل وقته لأن غسل اليدين بعد غسل الرأس ولم يحصل ثم اليسرى مثل ذلك يعني غسلها ثلاثًا والترتيب بين اليمنى واليسرى سنة عند الجمهور وأوجبه بعضهم وأنه من ضمن الترتيب المطلوب والنبي -عليه الصلاة والسلام- ما حفظ أنه مرة واحدة قدَّم اليسرى على اليمنى وفعله بيان لما أوجب الله من المجمل في آية الوضوء ثم مسح رأسه ثم مسح رأسه وسيأتي في الرواية اللاحقة أنه مسح رأسه ثلاثًا وهنا لم يذكر عددًا مع أنه ذكر في الأعضاء السابقة العدد وأنه ثلاث مرات وأما الرأس أجمله فقال ثم مسح رأسه ولذا المرجح أن مسح الرأس يكون مرة واحدة يكون مرة واحدة ولذا يقول ابن القيم والصحيح من هديه -صلى الله عليه وسلم- عدم تكرار المسح عدم تكرار مسح الرأس بل كان إذا كرر غسْل الأعضاء يعني كما في الحديث الذي معنا بل كان إذا كرر غسل الأعضاء أفرد مسح الرأس ولم يذكر فيه عددًا ولو كان يكرره كما يكرر غيره من الأعضاء لذُكر سيأتي في الرواي اللاحقة من مسح رأسه ثلاثًا لكن هذه هي الرواية المتفق عليها المخرجة في الصحيحين وغيرهما وهو المناسب من حيث المعنى لأن تكرار المسح المسح يقتضي التخفيف المسح المقصود منه التخفيف والتخفيف ينافي التكرار ثلاثًا بخلاف الغسل الذي يراد منه المبالغة في التنظيف فغسل ثلاثًا ثم غَسل قدمه اليمنى ثلاثًا ثم اليسرى مثل ذلك يعني ثلاثًا ويقال فيهما ما قيل في اليدين من حكم تقديم اليمنى على اليسرى وأنه على سبيل الاستحباب عند الجمهور وأوجبه بعضهم كما تقدم في غسل اليدين ثم قال يعني في حديث أم عطية في غسل ابنته -عليه الصلاة والسلام- المخرَّج في مسلم والبنت زينب وإن جاء في ابن ماجه غسل أم كلثوم لكن في مسلم قال «ابدأن بميامنها ومواضع الوضوء منها ابدأن بميامنها ومواضع الوضوء منها» الشراح قالوا إن في هذا بين هاتين الجملتين تعارض وفيها إشكال لأن مقتضى البداءة بالميامين يختلف عن اتباع الترتيب في الوضوء ابدأن بميامنها يقتضي أن تُقدم الرجل اليمنى على الرجل اليسرى ما هو بصحيح؟ ابدأن بميامنها يقتضي تقديم الرجل اليمنى على اليد اليسرى والبداءة بمواضع الوضوء يقتضي تقديم اليد اليسرى على الرجل اليمنى ولهذا استشكله الشراح لكن قالوا أن البداءة بالميامن في الغسلة التي لا وضوء فيها كالغسل بالنسبة للحي يغسل شقه الأيمن ثم يغسل شقه الأيسر وأما الغسلة التي فيها الوضوء فالمتبع هو ترتيب الترتيب على أعضاء الوضوء "ثم قال" عثمان "رأيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- توضأ مثل وضوئي هذا" مثل هذه تقتضي المطابقة والمثلية والمماثلة فمن أخل بشيء من هذا أو زاد أو نقص لا يحصل له هذا الوعد بخلاف رواية "«من توضأ نحو وضوئي هذا»" فإنه يغتفر فيه عن الاختلاف اليسير من توضأ مثل وضوئي هذا أنت توضأت ومسحت على الجوربين مع أنه جاء أنه مسح على الجوربين لكن المعتمَد أنهما مقيسان على الخف على قول من لا يثبت المسح على الجوربين إلا بالقياس ما يثبته من فعله -عليه الصلاة والسلام- من مسح على الجوربين يدخل في الحديث والا ما يدخل؟ على قول من يثبت المسح على الجوربين بالقياس على الخفين لا بثبوتهما عنه -عليه الصلاة والسلام- يحصل له الوعد المذكور أو لا يحصل إلا إذا مسح على الخفين؟
طالب: ...........
وش هو؟
طالب: ...........
كله واحد يقول مثل وضوئي هذا والمسألة مفترضة في أنه لم يثبت عنه أنه مسح على الجوربين.
طالب: ...........
وش هو؟ مثل مثل وضوء النبي -عليه الصلاة والسلام-؟!
طالب: ...........
على كل حال المسح على الجوربين لا إشكال فيه لكن هل ثبوته بفعله -عليه الصلاة والسلام- أو بالقياس على الخفين؟
طالب: ...........
منهم من يقول لم يثبت عنه -عليه الصلاة والسلام- مسح على الجوربين لكن بالقياس مشى والوضوء صحيح لكن الموعود المذكور هنا يتحقق فيه المماثلة مع الاختلاف في المسح على الجوربين من توضأ مثل وضوئي هذا وأيضًا المماثلة بعضهم يرى أنها مستحيلة لأن تقتضي التماثل والتطابق في الأفعال الظاهرة والباطنة حتى في النية والقدر من الإخلاص يقول تحقق مثل هذا مستحيل لكن جماهير أهل العلم أنه إذا توضأ على نحو ما بلغه عن النبي -عليه الصلاة والسلام- أنه يكفي والشرط الثاني وهو لا يحدِّث فيهما نفسه من توضأ مثل وضوئي هذا "«ثم صلى ركعتين»" لا يحدث فيهما نفسه لو كان في وقت الضحى مثلاً وصلى أربع ركعات بسلام واحد وصلاة الليل مثنى مثنى الصلاة مثنى مثنى إنما هي في صلاة الليل ويرى الجواز في مثل هذا صلى أربع وقل مثل هذا في حديث «إذا دخل أحدكم المسجد فلا يجلس حتى يصلي ركعتين» لو دخل المسجد بعد صلاة العشاء وصلى ثلاث ركعات تحية ما هي تحية وتر صلى ثلاث ركعات وتر هل يتم امتثاله للأمر؟ لأنه أتى بالمأمور به وزيادة بخلاف ما لو أوتر بركعة فإنه لا يصح أن يقال أنه صلى ركعتين فيسوغ له الجلوس ثم صلى ركعتين "«لا يحدث فيهما نفسه»" بمعنى أنه يدفع الخواطر والوسواس بحيث لا يسترسل معه ذلك أو أنه لا يرد عليه الخاطر أو الهاجس؟ يربي نفسه على ألا ترد عليه الخواطر في صلاته واقعنا كما جاء في الحديث فمنهم من يخرج بنصف صلاته ومنهم من يخرج بالثلث بالربع بالعشر هؤلاء لا يدخلون في الحديث لأن السبب في ذلك ما يطرؤ على الصلاة من الغفلة وكثرة الخواطر ومقل ومستكثر لكن من حصل منه شيء من ذلك لا يدخل في الحديث لكن لو عرض له شيء ونفاه وطرده بسرعة قالوا قال أهل العلم أنه بالمجاهدة والطرد بسرعة بحيث لا يؤثر على جزء من صلاته فإنه لا يضر لا يحدث فيهما نفسه حديث النفس مرتبة من مراتب القصد يسبقها الهاجس والخاطر ويعقبها الهم والعزم فإذا نُفي حديث النفس فنفي ما هو أشد منه من باب أولى ولكن قوله لا يحدث فيهما نفسه يعني الخواطر التي هي أقل من حديث النفس والهواجس لا يشترط انتفاؤها ليحصل الموعود أو أن المراد بذلك لا يغفل في صلاته ولا يُعرِض عنها قل أو كثر؟ قد يقول قائل هذا مستحيل لأن النفوس جبلت على هذا لأنه يرى من نفسه أنه من يدخل في صلاته إلى أن يخرج لا يستحضر منها إلا القليل كما هو واقعنا الآن لكثرة انشغالنا بالدنيا وإلا لو مرَّن نفسه على الإقبال على الله والالتفات إلى صلاته وما يقرؤه فيها والتأثر به ما صارت حالنا مثل الواقع الذي نعيشه "«غفر الله له ما تقدم من ذنبه»" الذنب هنا يراد به الصغائر عند الجمهور وبعضهم يُدخِل الكبائر لأن هذه المرتبة وهي استحضار القلب في الصلاة كلها من أولها إلى آخرها لا يمكن أن تحصل لمن لديه شيء من الكبائر مرتبة عليا لا تحصل وهذا من حيث المعنى قريب لكن الجمهور حملوه على الصغائر وجاء في روايات عند أظن عند الطحاوي وغيره قالوا وما تأخر أظن عند ابن المبارك في الزهد فيه وما تأخر غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر ولكن الرواية المحفوظة ما تقدم من ذنبه كما في رواية الصحيحين التي معنا ثم قال رحمه الله "حدثنا محمد بن المثنى" قال "حدثنا الضحاك بن مخلد" أبو عاصم النبيل قال "حدثنا عبد الرحمن بن وردان" قال "حدثني أبو سلمة بن عبد الرحمن" قال حدثني حمران" وعبد الرحمن بن وردان وأبو سلمة وحمران كلهم من التابعين ثلاثة على نَسَق "قال رأيت عثمان بن عفان توضأ فذكر نحوه" نحو الحديث السابق "ولم يذكر المضمضة والاستنشاق" وعدم ذكرها أو ذكرهما في رواية لا يعني العدم بالكلية لأنها ثابتة في روايات صحيحة "وقال" أبو سلمة "فيه ويمسح رأسه ثلاثًا" ثلاثًا يعني ثلاث مرات ومضى القول في مسح الرأس ثلاثًا وابن القيم يقول كل من وصف وضوءه -عليه الصلاة والسلام- لم يذكر تكرار المسح ومن قال به وباستحبابه فإنما اعتمد على الألفاظ المجملة نحو توضأ ثلاثًا ثلاثًا "ثم غسل رجليه ثلاثًا ثم قال رأيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- توضأ هكذا وقال من توضأ دون هذا كفاه" ومن توضأ دون هذا كفاه يعني من غسل مرتين أو مرة يكفيه لكن الأكمل الثلاث وثبت عنه -عليه الصلاة والسلام- أنه توضأ مرة مرة وتوضأ مرتين مرتين وتوضأ ثلاثًا ثلاثًا وكلها في الصحيح "ولم يذكر الصلاة" يعني في نهاية الحديث السابق "من توضأ مثل وضوئي هذا ثم صلى ركعتين" ما ذكرت في الرواية الثانية جاء في الحديث في رواية البخاري في الرقاق "«من توضأ نحو وضوئي هذا ثم صلى ركعتين لا يحدث فيهما نفسه غفر له ما تقدم من ذنبه»" «ولا تغتروا ولا تغتروا» يقول الإنسان أو يمهل لنفسه الاستمرار واستمراء المعاصي ثم يقول في النهاية أتوضأ وأحرص أن أطبق ما جاء عنه -عليه الصلاة والسلام- وأحضر قلبي في صلاتي فتُغفَر لي هذه الذنوب كما يستعمله بعض أو كما يفعله بعض المسلمين في بعض الأقطار يزاولون الجرائم والمنكرات ويقولون الصلاة إلى الصلاة ورمضان إلى رمضان والجمعة إلى الجمعة كفارات لما بينهما ويحجون ويقولون رجع من ذنوبه كيوم ولدته أمه هل المقصود بهذه الأحاديث إعطاء الفرصة ولافسحة لمن أراد أن يعصي ويفجر ثم يعتمد على هذه النصوص ولذا جاء في الحديث «ولا تغتروا» ولا تغتروا لأن هذه المراتب العليا التي يصل فيها النفس.. الإنسان أنه لا يحدِّث نفسه مطلقًا ولا يميل قلبه عما هو بصدده من الصلاة هذه مرتبة لا يمكن أن يصل إليها من عنده مثل هذه المخالفات.
والله أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.