الجَهْرُ بالقراءة في صلاة الفجْرِ، وصلاة الجُمُعة، وصلاة العيدين، والاستسقاء، وفي الركعتين الأُولَيَيْنِ من صلاة المغرب والعشاء، والإسرارُ بالقراءة في الظهر، والعصر، وفي الثالثة من المغرب، والأخيرتين من العشاء، كل هذه سنن، ومعنى السُّنِّيَّة في حالتَيِ الجهر والإسرار: أنه لو جهر في السِّريَّة أو أسر في الجهرية أحيانًا فصلاته صحيحة، لكنه خالف السنة، ودليل السنية: ما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم؛ من أنه كان يُسْمِعهُم الآيةَ أحيانًا في صلاة الظهر أو العصر [البخاري (788)، ومسلم (451)]، لكنْ لو قُدِّر أن إمامًا ديدنُهُ الإسرارُ في الجهرية، والجهرُ في السرية، فليس هذا مِن تركِ السنَّةِ فَحَسْبُ، بل هذا الفعل يكون بدعةً، وصاحبُه مبتدِعًا، ومثل هذا لا ينبغي أن يتقدَّم إمامًا للمسلمين؛ لأنه خالف الثابت عنه صلى الله عليه وسلم، ولأن الإصرارَ على ترك السنن ومعاندَتَها لا يُوصَفُ بأنه مجرَّدُ تركٍ للمشروع وعدولٍ عنه إلى المكروه؛ فمن تعمَّد ترك السنة وأصرَّ على ذلك، يُذمُّ، ويعرِّض نفسه للعقاب؛ والإمام أحمد رحمه الله رَغْمَ أنه ممن يقول بسنِّيَّةِ الوتر إلا أنه قال: «مَن ترك الوترَ - يعني: واظب على تركه -، فهو رجُلُ سوءٍ، ينبغي ألَّا تُقبل شهادتُه» [مسائل الإمام أحمد رواية ابنه أبي الفضل صالح 1/266]، لكن لو فعله أحيانًا، وتركه أحيانًا، فلا ضير عليه، لكنْ يبقى أن الوتر مِن السنن المؤكدة.