من الخلل في التحصيل أن لا يعرف طالب العلم من قصة نوح شيئًا، أو قصة واحد من الأنبياء المذكورين في القرآن تفصيلًا، أو ترتيبهم، أي: غافل غفلة تامة عن قصص الأنبياء، وهي موجودة في القرآن، وفي قصصهم فائدة، لا لمجرد التسلية وإنما للاعتبار، قال تعالى: {لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ} [يوسف: 111]، وكما قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: «لقد مضى بنو إسرائيل وما يعني بما تسمعون غيركم» [الدر المنثور للسيوطي 1/273]، فإذا كنا نقرأ ما قص الله جل جلاله عنهم من أخبار، وما آلت إليه حال أممهم على أنها تاريخ مثل ما نقرأ في تواريخ البشر فهذه مشكلة، صحيح أن فيها متعةً واطلاعًا واستجمامًا للذهن، لكن فيها -أيضًا- العبرة والعظة، فقصص القرآن الكريم من أهم ما يعنى به طالب العلم، ولو أن الإنسان اعتنى بما ذكره المفسرون الأثبات المحققون، ورجع إلى بعض كتب التاريخ الموثوقة مثل: «البداية والنهاية» لابن كثير، أو «تاريخ الطبري» لاستفاد فائدة كبيرة، ولتجلى له بمعرفة هذه القصص الكثير من معاني القرآن؛ لأن قصص الأنبياء مع أقوامهم وما حل بهم تشغل حيزًا كبيرًا من القرآن، وبعض القصص كرر مرارًا، وكل مرة فيها من الفوائد ما لا توجد في غيرها، ولهذا كان على طالب العلم العناية بهذا العلم.