نصائح الأب وهي محوطةٌ بالشفقة على ابنه وأبنائه لا شك أن لها وزنًا في الشرع، لاسيما وأن حقَّه واجبٌ، ومِن أعظم الحقوق بعد حق الله -جل وعلا-، فإذا كانت هذه النصائح نافعةً وتَصبُّ في مصلحة الولد فلا شك أن التزامها يجب مِن وجوبِ حقه، إضافةً إلى أنها في مصلحته، وإذا كانت غير ملائمة بمعنى أن الأب ينصحه بما لا دليل عليه شرعًا مِن العبادات أو مِن الأمور التي تعداها الناس وتخطاها فقد تكون مناسبةً في وقت الأب ولا تكون مناسبةً في وقت الابن، فمثلُ هذه يُرضيه بالكلام ويقول له: (أبشر)، ويُلين له الكلام، ويوجِّه ابنَه على حسب ما يرتضيه وتقتضيه مصلحته، لاسيما إذا كان الابن عنده مِن الوسائل وطرق التربية وعنده من العلم ما يُصلح شأن ولده أكثر مما عند أبيه، فعليه أن يُلينَ له القول، ويَعدَه بأن ينصَحه بذلك، ثم يوجهُ الابن بما يُصلحه -إن شاء الله تعالى-.
يقول: (وإذا وقع في نفسه شيء لذلك هل يُعدُّ مِن العقوق)؟ الأصل ألَّا يقع في نفسه شيء، والحكيم يستطيع أن يُقنع والده ويُرضيه بالأسلوب المناسب.
ووعدُه لوالده مع إبطان أنه لن يتصرف بمقتضى توجيهه لا مانع منه في مثل هذه الحال، فيقول: (أبشر بما يسرك)، (أبشر بما يرضيك)، وهكذا مِن الكلام إجمالًا، فهذا لا شيء فيه، والتوريةُ تنفع في مثل هذا.