على المسلم أن يرفق بإخوانه وألا يزيد في قيمة السلع زيادة تشق عليهم، بل له أن يربح ما يزيد على قيمة السلعة، لكن لا يشق على إخوانه، وما يحصل من الفروق بين المشترين فروقٌ فاحشة، مما يدل على أن التاجر زاد في السلعة زيادة فاحشة، لكن لو قُدِّر أنه يبيع السلعة بمائة وقد اشتراها بثمانين أو بتسعين ثم جاء شخص وماكسه وألح وخفّض له شيئًا يسيرًا، لا نقول: إن هذا ممنوع؛ لأنه نزّل له مما يملكه بطوعه واختياره، وهو في الأصل ما أخذ من المشتري الأول ما يشق عليه، بل قرر أن هذه السلعة تباع بمائة من غير مشقة على الزبون (المشتري)، فإذا جاء غيره وماكس فلا مانع من أن يخفض له في السعر، لكن الإشكال إذا كانت زيادته على الأول فاحشة كأن يكون اشتراها بثمانين وقال: قيمتها مائتا ريـال، فباع على أول واحد بمائتين، ثم خفض للثاني إلى مائة وتسعين، ثم أخذ من الثالث تسعين، فهذا شقَّ على الناس. وعلى كل حال مثل هذا ليس من النصيحة للمسلمين، بل على المسلم أن ينصح أخاه، وفي حديث جرير –رضي الله عنه-: «بايعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على إقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، والنصح لكل مسلم» [البخاري: 57]، وقد طبق ذلك جرير بن عبد الله –رضي الله عنه- حينما اشترى فرسًا فقال لصاحبه: بكم؟ قال: بثلاثمائة، فباع عليه واشتراه جرير، ثم لما استقر الإيجاب والقبول قال: لا، فرسك يستحق أكثر من هذا، فقال: أربعمائة، وهكذا، إلى أن وصل الثمانمائة، ثم قال: بايعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على النصح لكل مسلم. [المعجم الكبير للطبراني: 2395] هذا النصح، ولو فعل شخص مثل هذا في زماننا لعُدَّ مجنونًا، لماذا؟ لأن الهدف تغيّر -ولا يُظن بجميع المسلمين إلا كل خير إن شاء الله- لكن يبقى أن الهدف في السابق هو النصح على ما بُويع عليه رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، والنصح يقتضي هذا، والهدف الآن جمع المال من أي وجه. على كل حال إذا خفَّض من الثمن ما لا يُظن معه أنه باع على الأول بثمن فاحش فإن هذا تنازَل عن شيء يستحقه، والأمر لا يعدوه، والله أعلم.
السؤال
يحصل عندنا في بعض المحالّ التجارية أن تباع سلعةٌ لبعض المشترين بأقل مما تباع به للبعض الآخر، وذلك بحسب المشترين، فمنهم من يُكثر من الإلحاح والمماكسة فننقص له من الثمن، وبعضهم يرضى بالثمن من أول مرة، فهل في هذا الفعل حرج؟
الجواب