الصرف إذا كان من جنس المال كذهب بذهب، أو فضة بفضة، أو عملة موحدة ببعضها كعملة بلد واحد، فلا يجوز إلا مع تحقق القبض يدًا بيد والمماثلة. وإن اختلفت العملات كذهب بفضة، أو ريال بجنيه، أو جنيه بدولار، أو ما أشبه ذلك، فيشترط فيه التقابض فقط، وهنا يبدو أن التقابض غير متحقق؛ لأنه يعطيه ما يحتاجه المشتري؛ لئلا يتأخروا عليه، ويبقى ما لصاحب السلعة عند صاحب الدكان الآخر؛ لأنّه جار له، ولا يترتب عليه تأخير ولا ضرر، لكن مع ذلك الشرط من قوله -عليه الصلاة والسلام-: «الذهب بالذهب، والفضة بالفضة...مثلًا بمثل، سواءً بسواء، يدًا بيد، فإذا اختلفت هذه الأصناف، فبيعوا كيف شئتم، إذا كان يدًا بيد» [مسلم: 1587] فمثل هذا لا يتحقق، وحينئذٍ لا يجوز له أن يبرح المكان حتى يقبض المبلغ كاملاً.
ويحصل كثيرًا في مسألة البيع والشراء أنّه يشتري سلعة بستين مثلاً ويعطيه مائة ليرد له أربعين، وهي فرق قيمة السلعة مع المدفوع، ويقول له: (الآن ليس عندي شيء، فأْتنا في وقت آخر)، هذا أيضًا صرف، ولا يجوز الانصراف حتى يقبض الباقي. وبعض أهل العلم يقول: المخرج من هذا أن يجعل المائة كاملة رهنًا عند صاحب المحل، ويقترض منه مبلغًا ليعطي المشتري، وإذا توفر المبلغ يتم الصرف. ويقع الناس في الخطأ في المساجد أحيانًا، فإذا تُصُدِّق على فقير، وكان مع المتصدق مبلغ أكبر مما يريد الصدقة به، كأن يكون معه مائة ريال، ويريد أن يعطي الفقير عشرة أو عشرين، فيقول له: (أعطني الباقي)، فهذا مثله في الحكم، ويبقى أن ينظر إلى المسألة من جهة أخرى، وهي أن الصرف له حكم البيع، وحينئذٍ لا يجوز في المسجد.