لا شك أن المسائل العلمية تحتاج إلى استحضار للذهن وشحذ له، ففيها شيء من التعب والعناء، وبعد ذلك يُطلب الاستجمام والنظر في الكتب الماتعة التي عمدتها مُلح العلم لا متينه، ففي حال الاسترخاء والاستجمام يَقرأ فيها طالب العلم بعد فراغه من متينِ العلم، ومتينُ العلم مثل: كتب التفسير والحديث والفقه والعقائد، وما يخدم ذلك من علوم كاللغة وعلوم الحديث وقواعد التفسير وأصول الفقه، وغير ذلك مما هو في حيِّز الوحيين وما يدور في فلكهما وما يخدمهما، هذا متين العلم، ثم بعد ذلك إذا تعب وكلَّ ذهنه وأراد أن يستريح بقراءة شيء ينتفع به ويستجم ويجمع بين هذين الأمرين فيقرأ في كتب التواريخ؛ لأن فيها العبرة والمتعة والنزهة للنفوس، وكذلك بعض كتب الأدب لا سيما العفيف الذي ليس فيه سخف ولا مجون، وليس فيه ترويج للباطل، كما هو في كثير من كتب الأدب، ومع الأسف أنهم يسمونها: كتب أدب، وهي أولى بأن تسمى بضد ذلك، لكنهم يسمون هذا النوع: الأدب، ويريدون به أدب الدرس، لا أدب النفس، والله المستعان.
ومن كتب التاريخ تاريخ الطبري المسمى (تاريخ الرسل والملوك)، وتاريخ الحافظ ابن كثير المسمى (البداية والنهاية)، وتاريخ ابن الأثير المسمى (الكامل)، وتاريخ ابن خلدون الذي فيه التحليل للحوادث، وفيه فتح بالنسبة لهذا الفن، يستفيد منه طالب العلم النقد للحوادث والقضايا، فليس بمجرد سرد تاريخي.