التابعي الجليل أُوَيْس القَرَني منسوب إلى القبيلة (قَرَن)، وليس منسوبًا إلى (قَرْن المنازل)، أو (قَرْن الثعالب)، ووهم في ذلك صاحب (الصحاح) حيث نسبه إلى (قَرْن)، ورَدَّ عليه أهل العلم، ونبَّه على ذلك النووي في (شرح صحيح مسلم).
والجادَّة في ضبط الأعلام أن هناك كتبًا للضبط منها: (المُشتبِه) للذهبي، و(تبصير المُنتبِه في تمييز المُشتبِه) للحافظ ابن حجر، فهذه يستفاد منها في مثل هذا، وأولى ما يهتم به طالب العلم بالنسبة للضبط: الأعلام؛ لأنها لا تُدرَك بالاجتهاد، ولا تُدرَك من خلال سياق الكلام، ولا يُستدَل عليها بما قبلها وما بعدها، فمَن يُميِّز (عَبِيْدة) و(عُبَيْدة) من خلال السياق؟! لا يمكن تمييزه من خلال السياق، إنما يُميَّز من خلال كتب الضبط، وهي موجودة ولله الحمد، ومتيسِّرة بين يدي طلاب العلم، فعلى طالب العلم أن يعتني بها، وهي كثيرة جدًّا، وكتب التراجم -أيضًا- تهتم بالضبط بالحرف، فأهل العلم يضبطون الأعلام وغيرها من الكلمات التي تحتاج إلى ضبط بالحروف، وتمييز المُهمَل من المُعجَم، وبفتح كذا، وبكسر كذا...إلى آخره، وقد يُقطِّعون الكلمة إلى حروفها؛ من أجل ألَّا تتداخل الحروف، ثم بعد ذلك لا يُتوصَّل إلى النطق الصحيح، فالحرف إذا كُتب مع غيره له صورة، وإذا أُفرد له صورة أخرى، ورأيتُ في بعض الكتب الخطيَّة (الهُجَيْمي) مضبوطًا بالحركات، وفي الحاشية مُقطَّع مكتوب: (هاء وجيم وياء وميم...) إلى آخره، فهم إذا خشوا من الاشتباه؛ قطَّعوا الكلمة إلى حروفها، فلهم عناية فائقة بالضبط، فيضبطون بالشَّكل، ويضبطون بالحرف، ويضبطون بالنَّظير، ويضبطون بالضِّدِّ، مثل: (حَرام بن عثمان)، يضبطونه بقولهم: (بلفظِ ضدِّ الحلال)، و(الحكم بن عُتَيبة) يقولون: (بتصغير عَتبة الدَّار)، وهكذا، فعندهم تفنُّن في الضبط، بحيث يتميَّز عن غيره، ولا يلتبس على أحد.
ويختلف العلماء فيما يُضبَط، فمن أهل العلم مَن يرى أنه يُضبَط كلُّ شيء؛ لئلا يُشكِل شيء حتى على المبتدئين، ومن أهل العلم مَن يرى أنه لا يُشْكَل إلا المُشْكِل، فلا فائدة من ضبط (قال) "بفتح القاف"؛ لأن أيَّ حرف يأتي بعده ألف فهو مفتوح، أو ضبطِ حرفٍ بعده واو ممدودة، كما في كلمة (ذو) -مثلًا-، أو ضبطِ حرفٍ بعده ياء ممدودة، أو ما أشبه ذلك، فهذه لا تحتاج في الغالب إلى ضبط، وإنما يُضبَط المُشكِل عند أهل العلم.
فالضبط أمر لا بد منه، وقد وقع من الكبار بعض المضحكات؛ بسبب عدم عنايتهم بهذا الشأن.