المغمى عليه لمدة ثلاثة أيام فأكثر قالوا: (هذا حكمه حكم من زال عقله، فلا يلزمه قضاء، وإذا كانت أقل من ثلاثة أيام فحكمه حكم النائم، يلزمه القضاء)، هذا بالنسبة للأيام الثلاثة التي دخل فيها العناية وأغمي عليه، لكن بعد خروجه منها عليه أن يصلي كل صلاة في وقتها بشروطها وأركانها صلاةً كاملةً حسب استطاعته، ولا يجوز له حينئذٍ أن يجمع، ولا يجوز له أن يقصر وهو مقيم، بل يصلي كل صلاة في وقتها وعلى صفتها وهيئتها حسب استطاعته، يصلي قائمًا، فإن لم يستطع فجالسًا، فإن لم يستطع فعلى جنب، ولا يكلف الله نفسًا إلا وسعها، لكن الجمع والقصر الذي حصل هذا ليس بصحيح، إلا إذا كان أداء كل صلاة في وقتها يشق عليه مشقة عظيمة، ويناله بذلك ضرر، أو يُخشى من تأخر برئه أو زيادة في مرضه، فإنه حينئذٍ يسوغ له الجمع، ولو جمع جمعًا صوريًّا لكان أولى من الجمع الحقيقي، بأن يؤخر الأولى إلى آخر وقتها ويصلي الثانية في أول وقتها، ويصليهما في وقت متقارب جدًّا، بحيث يشبه صورة الجمع، ولذا سُمِّي بالجمع الصوري، لكن على أن يصلي الرباعية أربع ركعات ولا يقصرها، هذا هو الأصل، وأما ما فاته في ثلاثة الأيام -مثل ما قلنا- إذا كانت ثلاثةً فأكثر فالمعتمد عند أهل العلم أنه إذا كان زائل العقل لا يقضيها؛ لأنه في حكم مَن رُفع عنه التكليف بزوال العقل، وأما إذا كانت أقل من ذلك فإنه يلزمه القضاء كالنائم، والله أعلم.