هذا الذي يدعو صاحب القبر ويستغيث به، ويلجأ إليه في الشدائد، هذا فعله شركٌ أكبر، والله –جلَّ وعلا- يقول: {وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ}، {وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ} يعني: يا محمد، {وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ} من الأنبياء، {لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ} [الزمر: 65]، فالمشرك عمله حابط.
ويقول الله –جلَّ وعلا-: {وَمَا مَنَعَهُمْ أَنْ تُقْبَلَ مِنْهُمْ نَفَقَاتُهُمْ إِلَّا أَنَّهُمْ كَفَرُوا} [التوبة: 54]، فالمشرك كافر، وعمله حابط ولا يُقبَل منه شيء.
ويقول الله –جلَّ وعلا-: {فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ . أَلا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ فِي مَا هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ} [الزمر: 2-3]؛ لأن صاحب السؤال يقول: إن الذي يسأل عنه يرى أن صاحب القبر مجرد وسيلة عند الله فقط، والآية نص أن المشركين يقولون: {مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ فِي مَا هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ} [الزمر: 3].
وعلى كل حال مَن يدعو ويستغيث بالأموات من الأنبياء وغيرهم من الأولياء والصالحين لا شك أنه مشرك الشرك الأكبر الذي يُخرِج من الملة كما قال –جلَّ وعلا-: {وَمَنْ يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ لا بُرْهَانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِنْدَ رَبِّهِ إِنَّهُ لا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ} [المؤمنون: 117]، فسمَّاه كافرًا، فيدخل في قوله: {لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ}، وحينئذٍ فصيامه غير صحيح، وإن كان يشهد أن لا إله إلا الله ويصوم ويصلي؛ لأنه أبطل هذه الأعمال بالشرك {لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ}، وهذا قيل للنبي –عليه الصلاة والسلام- مع أنه إمام الموحدين، وإمام المُحقِّقين –عليه الصلاة والسلام-، فكيف بغيره؟!