عتبة بن أبي وقاص هو أخو سعد بن أبي وقاص -رضي الله عنه- المشهود له بالجنة، وفي ترجمته في كتب الصحابة ذكروا الخلاف في إسلامه وعدم إسلامه، فذكره في الصحابة العسكري، وذكر ما نقله الزبير بن بكار في (النسب) -أي: (نسب قريش)- أنه كان أصاب دمًا بمكة في قريش، فانتقل إلى المدينة، ولما مات أوصى إلى سعد، وذكره ابن منده في (الصحابة) أيضًا، ولم يَذكر مستندًا إلا قول سعد -رضي الله عنه-: "عَهِد إليَّ أخي أنه ابنه"، يعني: لما تداعى هو وابن زمعة أخو سودة أم المؤمنين -رضي الله عنهما- في ولد، فسعد بن أبي وقاص -رضي الله عنه- يقول: "هذا ابن أخي عَهِد إليَّ أنه ابنه"، يعني: ابن أخيه عتبة، وابن زمعة -رضي الله عنه- يقول: أخي وُلد على فراش أبي، فلما رأى النبي -صلى الله عليه وسلم- الشَّبهَ البيِّن بعتبة، وهو وُلد على فراش زمعة قال: «هو لك يا عبد بن زمعة، واحتجبي منه يا سودة» [البخاري: 2053]، فحكم بأنه لهم، وأن نسبه إليهم، ولكن لمَّا رأى الشَّبهَ البيِّن بعتبة قال: «احتجبي منه يا سودة»، من باب الاحتياط، وذاك من باب القضاء.
فلم يذكر ابن منده مستندًا إلا قول سعد: "عَهِد إليَّ أخي أنه ابنه"، واستنكر أبو نعيم ذلك، أي: استنكر نسبته إلى الصحابة، وذكر أنه الذي شجَّ وجه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بأُحد، قال: وما علمتُ له إسلامًا، بل قد روى عبد الرزاق من طريق عثمان الجزري عن مِقسم أن النبي -صلى الله عليه وسلم- «دعا بأن لا يحول على عتبة الحول حتى يموت كافرًا، فمات قبل الحول» [مصنف عبد الرزاق: 9649]، وهذا مُرسل؛ لأن مقسمًا ليس بصحابي، وأخرجه من وجه آخر عن سعيد بن المسيب بنحوه، وأخرج الحاكم في (المستدرك) من طريق صفوان بن سليم، عن أنس أنه سمع حاطب بن أبي بلتعة -رضي الله عنه- يقول: إن عتبة لما فعل بالنبي -صلى الله عليه وسلم- ما فعل تبعتُه فقتلتُه [5307]، يعني: قبل أن يُسلم، كذا قال، وجزم ابن التين والدمياطي بأنه مات كافرًا.
على كل حال المسألة خلافية، والرجل أفضى إلى ما قدَّم، ولكن للنظر في ذلك مجال، وللمرجِّح أن يُرجح أنه مات كافرًا؛ لأنه قول الأكثر. ومثل هذا لا يلزم أن يُوصل فيه إلى نتيجة، فالرجل عُرف تاريخه، وعُرف فعله بالنبي -عليه الصلاة والسلام-، ومات، والله يتولاه، والله أعلم.