جاء النهي في الصحيحين وغيرهما: «أن يبيع حاضرٌ لبادٍ» [البخاري: 2140 / ومسلم: 1413]، وقال -عليه الصلاة والسلام-: «دعوا الناس يرزق الله بعضهم من بعض» [مسلم: 1522]، قيل لابن عباس: ما قوله: «لا يبيع حاضرٌ لبادٍ»؟ قال: "لا يكون له سمسارًا" [البخاري: 2158]، وهذا النهي لما فيه من ضرر المشترين، فإن المقيم إذا توكَّل للقادم البدوي في بيع سلعة يحتاج الناس إليها، والقادم لا يعرف السعر ضرَّ ذلك المشتري، فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: «دعوا الناس يرزق الله بعضهم من بعض»، فإذا حضر صاحب السلعة ولم يكن من الحضري التلقي المنهي عنه «لا تلقوا الركبان» [البخاري: 2150]، فحضر صاحب السلعة إلى السوق، فدعه يبيعها بما يكتب الله له «دعوا الناس يرزق الله بعضهم من بعض»؛ لأنه ما دام قد وصل بها إلى السوق فإنه لا غرر عليه، فإذا باع سلعته ولم يستقصِ كلَّ ما تستحقه هذه السلعة، استفاد أهل البلد، بينما لو جاء السمسار والدلال ليبيع هذه السلعة للبادي، فإن السمسار يعرف آخر سعر لهذه السلعة، فلا يترك فرصةً لأهل البلد يرزقهم الله من هؤلاء الوافدين، فانظر إلى الشرع الحكيم حينما لَحَظ مصلحة صاحب السلعة فنهى عن تلقي الركبان، وحينما نظر إلى مصلحة أهل البلد فترك لهم فرصةً من قيمة هذه السلعة فقال: «دعوا الناس يرزق الله بعضهم من بعض»، فلم ينظر إلى مصلحة أحد على حساب مصلحة الآخر، والله المستعان.
السؤال
علمتُ عن نهي الرسول -صلى الله عليه وسلم- بأنه إذا جاء بدوي يريد أن يبيع بضاعةً في سوق المدينة عندنا: أنه لا يصلح أن أبيع له بضاعته في السوق، لكن ما الحكمة من النهي عن ذلك، مع أن هذا البدوي قد يكون بحاجة إلى دلَّال فاهم في السوق؛ ليبيع له بضاعته، حتى لا يُغرَّر به؟
الجواب