لا شك أن التصاوير بجميع أشكالها وآلاتها كثُرتْ، وانتشرتْ، وسرتْ بين المسلمين من غير نكير، وكل هذا بسبب كثرة الإمساس، واختلاف وجهة النظر، والبحث عن المخارج الذي وقع فيه الناس، فقالوا: إنها عمَّتْ بها البلوى، فلا بد أن نوجِد مخرجًا يُخرجنا من النصوص الشديدة في حكم التصوير، التي منها: «أشد الناس عذابًا عند الله يوم القيامة المصورون» [البخاري: 5950]، «يقال لهم: أحيوا ما خلقتم» [البخاري: 2105]، هذه عظائم، لكن مع ذلك تجد كثرتَها تجعل بعضَ الناس يوجِد لها مخارجَ، فتجده في التصوير الشمسي يقول: (هذا ليس بتصوير، ولا يمكن أن يَدخل ضغط زرٍّ وخروج الصورة بهذه السرعة، ويكون من أشد الناس عذابًا، ولا أتصوَّر هذا)، نقول: أيضًا إذا ضغط زرَّ المسدس بلحظةٍ وقتل مسلمًا فورًا، حصل له الوعيد الشديد {وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُّتَعَمِّدًا} [النساء: 93]، وكلمة ينطق بها يهوي بها في النار سبعين خريفًا، فليس النظر إلى سهولة الأمر وعِظمه، وإنما النظر فيما جاء فيه من نصوص، فهي الحَكَم، وكون بعض الناس يقول: هذا تصوير أو ليس بتصوير، وهو من أهل العلم، ومن أهل الفضل، ومن أهل الخير، ومن أهل الصلاح، وكونه ارتكب هذا الأمر وصوَّر، فهذا الأمر إليه، والله المستعان.
والصور المجسمة التي يُجمِع عليها أهل العلم الآن تُتداول في بيوت المسلمين وفي محافلهم وفي بلدانهم من دون نكير، على أنها لُعَب البنات التي جاءت النصوص بها، وأن عائشة -رضي الله عنها- عندها لُعَب بنات، وعندها فرسٌ له جناحان، وهكذا. والذي عمره ثلاثون أو أربعون ما أدرك لُعَب البنات في ذلك الوقت في بلادنا، وهي التي تتحدَّث عنها النصوص، وهي التي يشرحها أهل العلم، فقالوا: (لُعَب البنات: وساد كبير في رأسه وساد صغير)، وانتهى، فهذا كلُّ لُعَب البنات، لكن أن تأتي بلعبة فاتنة مصوَّرة بأدق تصوير، وتتحرَّك وتتصرَّف تصرُّفَ العقلاء، وإذا أُضجِعتْ أَغمَضتْ عينيها، وإذا أُجلِستْ فتحتْ عينيها، وإذا صُفِّق لها رقصتْ، مضاهاة تامة لخلق الله، فهل هذه لُعَب البنات التي كانت عند عائشة؟! لا والله، إن هذه هي المحرمة بالإجماع، وزاد الأمر فصار يُستورَد أحجامٌ استغنى بها بعضُ الفسَّاق؛ لأن هذا سببه الفتنة بمثل هذه الأمور، والسيئة تقول: أختي أختي، وتجرُّ إلى ما وراءها، والله المستعان.