الرهبة والخوف من أنواع العبادة التي لا يجوز صرفها إلَّا لله -جل وعلا-، لكن يبقى أن هناك رهبة وخوفًا جِبِلِّييْن، وبعض الناس طُبع وجُبِل على هذا، يخاف من أدنى شيء، والناس يتفاوتون، لكن يبقى أن هذا الخوف وهذه الرهبة الجِبِلِّييْن لا يُؤثران إلَّا إذا ترتَّب عليهما تقديم أوامر هذا المدير أو هذا الرئيس على أوامر الله -جل وعلا-، فكونه يخاف جِبِلَّة فبعض الناس يرتعد من لا شيء، وبعضهم يتوقَّع ما ليس بواقع، فلا يستطيع أن يخرج مع الباب، مع أنه لا يوجد شيء مخيف، وكثير من الناس كانوا قبل مجيء الكهرباء لا يستطيعون الخروج من البيوت بعد صلاة العشاء من الخوف، مع أنه لا يوجد شيء، وإنما خوف وهمي، ولذلك يُقرِّر بعض العلماء أن الخوف الوهمي عند بعض الناس أشد من الحقيقي، وهذه مسألة يبحثونها في السفر والتيمم مع قرب الماء، فبعض الناس يكون الماء عنده خارج الخيمة، لكن ما يستطيع الخروج، ولو خرج خارج الخيمة صار له ما صار، ويمكن أن يُجَنَّ، مع أنه لا يوجد شيء، وشخص آخر يروح ويطرق الأميال والأكيال ولا يخاف، فالخوف الوهمي الجِبِلِّي عند بعض الناس لا شك أنه يستولي على التفكير، ويتصرَّف في الأعصاب.
لكن يبقى أن مثل هذا الخوف الجبلي وهذه الرهبة الجبلية إن أثَّرا فصار بسببهما يُقدِّم طاعة المخلوق على طاعة الخالق، فلا شك أن هذا محرَّم، ويدخل في هذا النوع من الشرك، أي: شرك الطاعة، نسأل الله العافية.