بعض العلماء يرى استحباب الخروج من الخلاف، فإذا قال عالم: هذا الأمر محرم، وقال آخر: جائز، يقول: اترك هذا العمل خروجًا من الخلاف، وكثيرًا ما يعللون: بأن حكم هذه المسألة كذا؛ خروجًا من الخلاف، فهل الخروج من الخلاف دليل من الأدلة؟
نقول: لا، لكن قد يترك العالم العمل بمقتضى ما ترجح له؛ لأن دليل المخالف قد يكون راجحًا، وهذا مقبول لا سيما إذا كان العمل بمقتضى الخروج من الخلاف لا يعارض دليلًا صحيحًا صريحًا، فالتحري والاحتياط -والحال هذه- مقبول، وكما في الرضاع المشكوك في بلوغه النصاب، بأن لو قالت امرأة: أنا أرضعت فلانة، لكن لا أدري مرتين أو ثلاثًا أو خمسًا؟ فلا يتزوجها من له صلة بهذه المرأة، ومع ذلك لا تكشف له مراعاة لطرفي المسألة.
ولكن بعض المسائل لا يمكن الاحتياط فيها، وذلك إذا أدى الاحتياط إلى ترك مأمور أو فعل محظور فشيخ الإسلام رحمه الله يقول: «والاحتياط أحسن ما لم يفضِ بصاحبه إلى مخالفة السنة، فإذا أفضى إلى ذلك فالاحتياط ترك هذا الاحتياط» [المستدرك على الفتاوى (5/41)].