إمامة الأعمى صحيحة لا إشكال فيها، أما المفاضلة بينه وبين المبصر، فهي مسألة خلافية بين أهل العلم: فمنهم من يرى أن الأعمى أفضل من المبصر للإمامة؛ لأن الأعمى لا يرى ما حوله، فيقبل على صلاته ولا ينشغل عنها. ومنهم من يرى أن المبصر أولى، وأن صلاته أكمل؛ لأنه يستطيع التحرز عن النجاسات، وما يؤثر في صحة الصلاة.
والقول المرجح في هذه المسألة أن مرد التفضيل إلى حديث أبي مسعود رضي الله عنه: «يَؤُمُّ الْقَوْمَ أَقْرَؤُهُمْ لِكِتَابِ اللهِ، فَإِنْ كَانُوا فِي الْقِرَاءَةِ سَوَاءً، فَأَعْلَمُهُمْ بِالسُّنَّةِ، فَإِنْ كَانُوا فِي السُّنَّةِ سَوَاءً، فَأَقْدَمُهُمْ هِجْرَةً، فَإِنْ كَانُوا فِي الْهِجْرَةِ سَوَاءً، فَأَقْدَمُهُمْ سِلْمًا، وَلَا يَؤُمَّنَّ الرَّجُلُ الرَّجُلَ فِي سُلْطَانِهِ، وَلَا يَقْعُدْ فِي بَيْتِهِ عَلَى تَكْرِمَتِهِ إِلَّا بِإِذْنِهِ» [مسلم (637)]، وليس فيه كون الإمام مبصرًا، ولا كونه أعمى، وبهذا يتبين ضعف ما قاله بعض أهل العلم من أمورٍ بنوا عليها التفضيل ولا دليل عليها، فقال بعضهم:.... فأجملهم وجهًا، وقال بعضهم:... فأجملهم زوجة، فأكبرهم رأسًا، إلى غير ذلك من الأقوال التي لا وزن لها في الشرع ولا فضل، فضلًا عن أن تكون مسوغة للتفضيل في مقام الإمامة في الصلاة، الذي هو أعظم مقام.