تُرفَع اليدين في أربعة مواضع في الصلاة: عند التكبير الأوَّل، أي: تكبيرة الإحرام، وعند الركوع، والرفع منه، وعند القيام من التشهُّد الأول إلى الثالثة؛ فالمواضع أربعة، الثلاثة الأُولى منها: ثابتة في الصحيحين [البخاري (737)، ومسلم (391)]، والموضع الرابع: ثابت في صحيح البخاري، من حديث ابن عمر رضي الله عنهما [البخاري (739)].
قد يقول القائل: من المعروف في المختصرات على المذهب الحنبلي كـ «زاد المستقنع»: أن مواضع الرفع ثلاثة، لا أربعة [زاد المستقنع في اختصار المقنع (ص: 44، 45)]؛ فكيف يخفى على الأصحاب مثل حديث ابن عمر رضي الله عنهما مع كونه في الصحيح؟
فيجاب عن هذا: بأن حديث ابن عمر رضي الله عنهما، وإن كان في صحيح البخاريِّ إلا أن الإمام أحمد لا يُلزَمُ بقول الإمام البخاري؛ لأنه إمام مثله؛ فحديث ابن عمر رضي الله عنهما لم يَثْبُتْ عند الإمام أحمد مرفوعًا، بل يرى الإمام أحمد أنه موقوف على ابن عمر رضي الله عنهما، وبما أن «زادَ المستقنعِ» معتمَدُ مذهبِ الإمام أحمد، والإمام لا يُثْبِتُ الخبرَ مرفوعًا إلى النبي صلى الله عليه وسلم، خلا الكتاب من ذكر استحباب الموضع الرابع.
فهي أقوالُ الأئمة، واجتهاداتُهم، ولا يُلزَم بعضُهم بقول بعض، لكنْ على المتعبِّد وطالبِ الحق أن يطلبَه من مظانه، ولا يقلِّدَ في دينه الرجال؛ فمادام الخبرُ ثابتًا في صحيح البخاري، فلا مندوحةَ لنا من الأخذ به، لكنَّ هذا مجرَّدُ اعتذارٍ لمن لم يقل به من أصحاب الإمام أحمد.