يقول الإمام ابن تيمية -رحمه الله تعالى-: (ويستحب أن يأتي مسجد قباء ويصلي فإن النبي -عليه الصلاة والسلام- قال «من تطهر في بيته وأحسن الطُّهور ثم أتى مسجد قباء لا يريد إلا الصلاة فيه كان له كأجر عمرة» رواه أحمد والنسائي و[ابن ماجه: 1421]) وإسناده جيد محتج به، قال: «من تطهر في بيته» يعني لو توضأ من مواضئ المسجد، بأن ذهب إلى المسجد على غير طهارة، ثم دخل دورات المياه فتوضأ، هل يحصل له ما يحصل من الأجر لهذا القيد أو لا؟ وقال: «وأحسن الطهور» كما أمره الله، وكما جاء عن نبيه -عليه الصلاة والسلام-. «ثم أتى مسجد قباء لا يريد إلا الصلاة فيه» فلو قال أنا أخرج من بيتي متطهرًا، أحسن الطُهور وأذهب إلى مسجد قباء، وموقع العمل بجوار مسجد قباء، فأصلي ركعتين وأدخل مكان العمل. فما الذي نهزه من بيته العمل أو المسجد؟، الذي يظهر ويغلب على الظن أنه العمل. فهل يحصل له هذا الأجر أو لا؟. نقول: هذه قيود لا بد من مراعاتها. لكن لو قدر أن الإنسان في طريقه، أو ضاق عليه الوقت، أو خشي أن تفوته الرفقة بأن قالوا: لن ننتظرك حتى تتوضأ، فيُرجى أن يحصل له الأجر. أما في حال السعة فلا بد أن يتوضأ في بيته ويحسن الوضوء، ويخرج قاصدًا مسجد قباء لا لغيره، ولا يريد إلا الصلاة فيه. ففرقٌ بين أن يكون الإنسان في طريقه إلى العبادة على وجه كامل وهو الطهارة، وبين أن يكون في طريقه على وجه ناقص. فكونه يتطهر في بيته أكمل من كونه يأتي إلى المسجد وهو محدث، وكونه يأتي محدث حدثًا أصغر، أسهل من كونه يأتي إلى المسجد وهو محدث حدثًا أكبر.