ينادي بعض الغيورين ممن عُرف بالحرص والحرقة على السنة النبوية، بالسير على قواعد المتقدمين، وهي دعوة نابعة من قلب طيِّب، ومن إخلاص صادق -إن شاء الله-، لكن مثل هذا الكلام لا يوجه إلى المبتدئين؛ لأنه إذا وجِّه للمبتدئين صار تضييعًا لهم؛ إذ إن المبتدئ لا يستطيع أن يتعامل مع أحكام المتقدمين حتى يتأهل لذلك، وهذا كمن يطالب الطالب المبتدئ بالاجتهاد في الأحكام الشرعية! فعلى طالب العلم أن يتربى على قواعد المتأخرين، ويخرّج الأحاديث، ويدرس أسانيدها، ويديم النظر في أحكام الأئمة، ويكثر من ذلك، فإذا ضبط القواعد، وتأهل للنظر في القرائن التي يُرجّح بها، وصارت لديه الأهلية لمحاكاة المتقدمين في أحكامهم صار هذا فرضه.