الغاية لا تبرر الوسيلة الممنوعة شرعًا، كأن يأتي إنسان إلى أناس لا يشهدون الصلاة وهو بحاجة إلى نصحهم وإفادتهم، فيأتي بوسيلة ممنوعة شرعًا ليحببهم في الصلاة أو في التدين أو ما شابه ذلك، فهذا لا يجوز؛ لأن هذا الفعل المحبب به محرم وغير مشروع، والإنسان أهم ما عليه أن يسعى لخلاص نفسه، ودعوته للناس إنما هي من أجل خلاص نفسه، فكيف يسعى لخلاص غيره بما فيه هلاكه؟!
وقد تساهل بعض العلماء في بعض الوسائل المحدثة؛ لأن مفسدتها مغمورة في سبيل المصلحة، كتسامحهم في مكبرات الصوت في المساجد لإبلاغ صوت الآذان والصلاة، وكذلك الخطوط التي في السجاد التي وضعت لتنظيم الصفوف واعتدالها، واستقامة الصفوف مطلوبة وهي من تمام الصلاة ، وإن كان قد ينطبق على هذه الوسائل تعريف البدعة عند أهل العلم، لكن قد يقال: إن مفسدتها مغمورة في جانب ما تحققه من مصلحة كبيرة، لكن إن زادت البدعة ونحن نريد أن نحقق بها مصلحة فإنه لا يجوز أن تُتَّخذ أبدًا؛ لأن الأصل العدم، لا سيما في العبادات الخاصة المحضة كالصلاة فلا بد أن يكون للوسيلة أصل ومستند شرعي، وقد كان بعض مشايخنا لا يستعمل المكبر ويصلي بنا صلاة العيد والاستسقاء وقد لا يُسمع منه شيء، ومع ذلك يرفض أن يصلي بالمكبر، ولا يقال بأن هذا تشدد منه، وإنما هي وجهة نظر له، فتحرج من استعماله؛ لكونه يستعمل في أخص العبادات وهي الصلاة، وجمهور أهل العلم تواطؤوا الآن على جواز استخدامه، وحصل شبه اتفاق على أن مصلحته راجحة، ومفسدته مغمورة بجانب مصلحته فتتجاوز تلك المفسدة، والشرع قد جاء للموازنة بين المصالح والمفاسد.