قال تعالى: {أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ} أي: تصيبوا قومًا حالة كونكم جاهلين؛ لأن العمل أو العلم المبني على قول فاسق ليس بعلم، ولذا فالمتجه أن ما يحمله الفساق من العلم ليس بعلم، ولو عرفوا بعض الأحكام بأدلتها وبأقوال العلماء فيها وتوسعوا في معرفتها فهو جهل؛ لأن الذي يعصي الله -جل وعلا- جاهل شاء أم أبى، يقول الله تعالى: {إنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهَالةٍ} [سورة النساء:17] فليس معنى الجهالة هنا أنهم لا يعرفون الأحكام، بل هم يعرفون الأحكام، والعاصي يعرف أن الخمر حرام وبدليله من الكتاب والسنة ومع ذلك يشرب الخمر، ويعرف أن الزنا محرم ومجمع على تحريمه ويحفظ في ذلك نصوص الكتاب والسنة ومع ذلك يزني، فهذا جاهل، ولو قلنا إنه عالم لترتب عليه عدم قبول توبة الفاسق، وعدم قبول توبة العالم العارف بالحكم، وهذا لم يقل به أحد من أهل العلم، وإنما اتفقوا على أن من يعصي الله -جل وعلا- فهو جاهل.