ذكر العلماء الذين صَنّفوا في مناقب الأئمة من سلف هذه الأمة وعلمائها ما يبهر العقول، ويجعل الإنسان يحتار من صبر هؤلاء العلماء من الصحابة والتابعين على القيام والصيام وغيرهما من أنواع العبادات، وقد يقول قائل: إن قيامَهم وما يُذكر عنهم من ملازمةٍ للقيام والصيام قد يكون فيه مخالفة لحديث «إن الدين يسر» ]البخاري: 39[ وحديث «الدين متين فأوغلوا فيه برفق» ]المسند: 13052[ وكذلك حديث «مه عليكم من الدين ما تطيقون» ]البخاري: 43[.
نقول: هذا مما يُطاق، والنبي -عليه الصلاة والسلام- الذي صحت عنه هذه الألفاظ قام حتى تفطرت قدماه، وهذا هو عين الشكر لهذه النعم التي لا تعد ولا تحصى، فمن شُكر هذه النعم أن تسخر فيما يرضي الله -عزَّ وجل-، ولا يقول قائل: إن هؤلاء السلف الذين أُثر عنهم القيام في الليالي الشاتية الطويلة، مع ما يلحقهم من المشقة يتلذذون بهذا سجية، لا، بل هم جاهدوا في أول الأمر، لكنهم في النهاية تلذذوا بالطاعات والعبادات.