ولفظ الفتنة في كتاب الله كما يقول ابن القيم: (يراد بها الامتحان الذي لم يفتتن صاحبه بل خلص من الافتتان، ويراد بها الامتحان الذي حصل معه افتتان)، فالفتنة تطلق ويراد بها الامتحان الذي ينجح صاحبه فيه، والامتحان الذي يخفق صاحبه فيه، (فمن الأول قوله -جل وعلا- لموسى: {وَفَتَنَّاكَ فُتُونًا} [طه: ٤٠] )؛ لأنه ابتلي ونجح، (ومن الثاني قوله تعالى: {وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ } [البقرة: ١٩٣ ]، وقوله: {أَلَا فِي الْفِتْنَةِ سَقَطُوا} [التوبة: ٤٩ ]، ويطلق على ما يتناول الأمرين)، أي: يطلق على ما يتناول من ينجح في فتنته وينجو منها، ويطلق على من يخفق في فتنته ويرتكس فيها، (كقوله تعالى: { الم (1) أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ (2) وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ} [العنكبوت: ١ - ٣ ]، ومنه قول موسى -عليه السلام-: { إِنْ هِيَ إِلَّا فِتْنَتُكَ تُضِلُّ بِهَا مَنْ تَشَاءُ وَتَهْدِي مَنْ تَشَاءُ} [ الأعراف: ١٥٥ ] أي: امتحانك وابتلاؤك، تضل بها من وقع فيها وتهدي من نجا منها).