للعلماء في قطع التلبية في الحج ثلاثة أقوال:
- منهم من يقول: إذا وصل إلى عرفة قطع التلبية، وانشغل بالذكر والدعاء.
- ومنهم من يقول: بل يلبي بعرفة وغيرها إلى أن يرمي الجمرة. فيستمر بالتلبية سواء كان ماشيًا، أو جالسًا، وسواء كان باقيًا في المشاعر، أو في طريقه إلى المشاعر.
- والقول الثالث: أنه إذا أفاض من عرفة إلى مزدلفة لبّى، ولا يلبي بعرفة. وإذا أفاض من مزدلفة إلى منى لبى، ولا يلبي بمزدلفة، حتى يرمي جمرة العقبة. وهكذا صح عن النبي -صلى الله عليه وسلم-. وهو الذي يرجحه شيخ الإسلام-رحمه الله-. لكن عموم قول الصحابي: «فمازال يلبي حتى رمى جمرة العقبة» [البخاري: 1544] يستوعب الوقت كاملًا، وقت الذهاب ووقت الانتقال ووقت المكث. قال ابن تيمية: (وأما التلبية في وقوفه بعرفة ومزدلفة فلم ينقل عن النبي -صلى الله عليه وسلم-) يعني على التخصيص والتعيين، أما اللفظ العام فيشمل هذه المواطن. وقال –رحمه الله-: (وقد نُقل عن الخلفاء الراشدين وغيرهم أنهم كانوا يلبون بعرفة). فقد يكون فهمًا من كونه -عليه الصلاة والسلام- مازال يلبي حتى رمى جمرة العقبة. أو قد وقفوا على شيء منها، لأنهم بقربه -عليه الصلاة والسلام-. فقوله: (لم ينقل عن النبي -عليه الصلاة والسلام-) لا يعني أنه لم يثبت ولم يقله النبي -عليه الصلاة والسلام-، فلم يقل النبي -عليه الصلاة والسلام، أو أحد من أصحابه: أنه لا تلبية بعرفة. وعدم النقل ليس دليلًا على العدم. لأنه يستبعد أن لا يصح ولا ينقل عن النبي -عليه الصلاة والسلام- ويخالفه الخلفاء الراشدون الأربعة، فلو خالفه واحد أو اثنان لقلنا خفي الأمر عليهم، لكن أن يخالف الكل فهذا يستبعد.