في قوله جل وعلا: {إِن تُبْدُواْ الصَّدَقَاتِ فَنِعِمَّا هِيَ وَإِن تُخْفُوهَا وَتُؤْتُوهَا الْفُقَرَاءَ فَهُوَ خَيْرٌ لُّكُمْ} [البقرة: ٢٧١] ما يدل على أن الإخفاء أفضل في الجملة؛ لأنه أقرب إلى الإخلاص، وجاء في حديث السبعة «ورجل تصدق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه» [البخاري: 1423]، فالإخفاء أفضل وهذا هو الأصل، لكن قد يعرض للمفضول ما يجعله فاضلًا بحيث إذا قصد المتصدق أن يقتدى به ويراه الناس ويتتابعون على الصدقة اقتداءً به مثل ما جاء في حديث من سارع إلى الصدقة على القوم الفقراء مجتابي النمار، وحث النبي -عليه الصلاة والسلام- على الصدقة عليهم، فجاء رجل بصدقته فتقدم الناس وتتابعوا في الاقتداء به فقال النبي -عليه الصلاة والسلام-: «من سن في الإسلام سنة حسنة، فله أجرها، وأجر من عمل بها بعده» [مسلم: 1017]، فمثل هذا إذا قصد أن يقتدي به الناس لا شك أنه يؤجر على هذا القصد وله مثل أجور من يقتدي به، وقل مثل هذا في غير الصدقة، فالنوافل –مثلًا- جاء الحث على أن تكون في البيت، و«أفضل صلاة المرء في بيته إلا المكتوبة» [البخاري: 7290]، لكن إذا قصد أن يقتدي به الناس أو يرفع التهمة عن نفسه، كطالب علم بين الناس لا يُعرف أنه يصلي إلا الفريضة ويقتدي به العامة في ذلك فمن صلى منهم الفريضة خرج ولم يتنفَّل، ولا يَعرف أن هذا يصلي في بيته، أولًا: إذا حصل البيان بالقول وأن صلاة النوافل في البيت هي الأفضل مِن أجل أن يقتدي به مَن في البيت من النساء والذراري ويعرفوا كيف يصلون إذا رأوا أباهم يصلي فلا شك أن هذا هو الأفضل والأكمل، لكن إذا تطرّق الشك في العامة أو تساهل الناس في بعض النوافل أو رأوه يتأخر عن الصلاة دائمًا، فما يأتي إلا قُرب الإقامة ولا يصلي النوافل القبلية، وهم لا يعلمون أنه يصلي في بيته قبل أن يحضر كما كان النبي -عليه الصلاة والسلام- يفعل، فإذا وُجد مثل هذا التصوّر ولم يحصل البيان بالقول فإذا صلى أمامهم سواء كانت قبلية أو بعدية؛ ليقتدى به، فهذا له أجره -إن شاء الله تعالى-.
السؤال
ما الضابط في إخفاء العمل الصالح وإظهاره إذا عُلِم أن في إظهاره مصلحة؟
الجواب