قد يدَّعون أنهم على منهج السلف الصالح، وعلى منهج أهل السنة والجماعة، لكن أن يدَّعوا أنهم السلف الصالح، أو من السلف الصالح، فالسلف سَلَفوا وانتهوا في زمنٍ مضى وسلف، فلا يمكن أن يدَّعي أحد أنه من السلف، هل يمكن أن يدَّعي أنه من القرون المُفضَّلة؟! لكن يدَّعي أنه من التابعين لهم، ويرجو أن يكون تبعه لهم بإحسان، أما أكثر من ذلك فلا.
ثم بعد ذلك هذه الدعوى تحتاج إلى برهان، فإن صدَّقها العمل فبها ونِعمتْ، وإن كان العمل مخالفًا لعمل السلف فهذه دعوى.
يقول: (ولكن هذا الادعاء فقط في اللباس وإطالة اللحية، حيث لا يُساهمون في أي عمل يخدم المجتمع، كالتطوُّع والصدقات، فما تقولون؟)، على كل حال على الإنسان أن يُصدِّق قولَه بالعمل، كما قال الحسن البصري -رحمه الله-: (ليس الإيمان بالتحلِّي، ولا بالتمنِّي، ولكن ما وَقَر في القلب، وصدقته الأعمال)، أما إنسان يدَّعي أنه تقيٌّ، وأنه صالح، وأنه مؤمن كامل الإيمان، وليس عنده عمل، فهذه دعوى بلا برهان، بل العمل يُكذِّب هذه الدعوى.
وكثير من الناس من أهل التفريط إذا نُوقش قال: (التقوى هاهنا، التقوى هاهنا)، أين التقوى؟! أليس من التقوى العمل؟! وما معنى التقوى؟ التقوى: فعل الواجبات وترك المحرمات، وأن تجعل بينك وبين عذاب الله وقاية، فإذا فعلتَ الواجبات وتركتَ المحرمات قلنا: صحيح هذا تقيٌّ، أما أن تدَّعي أنك تقيٌّ، وتنتهك المحرَّمات وتترك الواجبات، فهذه دعوى.
ولا يجوز له أن يدَّعي أنه وليٌّ، أو تقيٌّ، أو أن يزكِّي نفسه؛ للنهي عن ذلك، {فَلا تُزَكُّوا أَنفُسَكُمْ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقَى} [النجم: 32]، أما أن يزكِّي الإنسان نفسه، فهذا دليلُ خَلَل، ليس بدليل كمال.