بعض أهل العلم من المغاربة في القرن السابع يرون أن الخلاف في كفر تارك الصلاة إنما هو مجرد تنظير، لا حقيقة له؛ لأنه لا يتصور أن يوجد مسلم يترك الصلاة، فهذه المسألة -عندهم- كغيرها من المسائل الافتراضية التي يذكرها الفقهاء كما قالوا في الفرائض: توفي زيد عن ألف جدة، فهذه الصورة لا توجد في الواقع، وكذلك الأمر في تارك الصلاة، وعليه لا يوجد خلاف حقيقي بين أهل العلم، فهم لا يتصورون مسلمًا يترك الصلاة، اللهم إلا أن يكون قرب قيام الساعة كما قاله بعض العلماء.
وهذا لأن الصلاة أمرها عظيم، ولم يكن تركها معروفًا في عهد السلف أو في القرون المفضلة، وإنما تسامح الناس وتساهلوا فيها فيما بعد، وكنا إلى وقت قريب لا نسمع بتاركٍ للصلاة في بلادنا، فقد كان من فاته شيء منها مع الجماعة نظر الناس إليه نظرة ازدراء، ونقص قدره عندهم، وصار على خوف ووجل، بل قد يعزر، ثم يُستفتى فيه أهل العلم، فترى الأب -مثلاً- يستفتي في شأن ولده الذي لا يصلي صلاة الصبح مع الجماعة، فيقال له: هذا ولد لا خير فيه، فهذا يهجر ويطرد من البيت، ثم بعد ذلك تساهل الناس، وتسامحوا حتى وصل الأمر إلى أنه يوجد في بيوت كثير من المسلمين من يترك الصلاة بالكلية. فإذا أفتي فيهم بالفتوى السابقة أنه يطرد من البيت ويهجر في مثل ظروفنا التي نعيشها تلقفه ألف شيطان، فتزداد مع ترك الصلاة أمور تضره وتضر غيره، بحيث يتعدى خطره إلى غيره، فتسامح الناس حتى في الفتيا في مثل هذا، فيقال للأب مثلاً: عليك أن تبذل له النصيحة وتشدد عليه حتى يصلي، فالأمر جد خطير، فإذا حكم بكفره كفرًا مخرجًا عن الملة، فلا خير في مجالسته، ولا مساكنته، ثم بعد ذلك صار الناس ينظرون في الأقوال الأخرى؛ لأنهم ابتلوا بمن يترك الصلاة أو الصيام.