ضابط الغيبة كما جاء في الحديث الصحيح المخرَّج في (صحيح مسلم) عن أبي هريرة –رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: «أتدرون ما الغيبة؟ قالوا: الله ورسوله أعلم، قال: ذكرك أخاك بما يكره، قيل: أفرأيتَ إن كان في أخي ما أقول؟ قال: إن كان فيه ما تقول فقد اغتبتَه، وإن لم يكن فيه فقد بهتَّه» [2589]، فما دام ذكر هؤلاء الطلاب لأساتذتهم بما يكرهون فهذا داخلٌ في حيِّز الغيبة ولو كانوا متلبسين به، على ضوء ما جاء في الحديث الصحيح، وبالمقابل كلام الأساتذة في الطلاب أيضًا كثير -وهم يعترفون بذلك-، فإذا اجتمع الأساتذة بدؤوا يتناولون الطلاب: هذا ضعيف، هذا جيد، هذا مشاغب، هذا مؤذٍ، هذا فيه، هذا ما فيه، فالمسألة متبادلة، ولا يعني أن هذا يبيح للطلاب أن يغتابوا الأساتذة وإن كان هذا واقعهم، فهي غيبة من الطرفين إن وجدتْ بما يَكرهه المتكلَّم فيه.
لكن إذا استدعت الحاجة أحيانًا أن يتذاكر المعلمون أو الإدارة –مثلًا- صفات الطالب الفلاني وتقصيره، وكيفية التعامل معه، من باب المصلحة لهذا الطالب، فإذا كان من باب المصلحة فهذا مستثنَى من الغيبة؛ لأن الغيبة ذكرك أخاك بما يكره، لكن هناك أمور مستثناة كما في الفتوى –مثلًا-، فتأتي امرأة وتذكر زوجها بما يسوؤه وهي تستفتي، فهذا لا يُعَدُّ من الغيبة، كما جاءت هند امرأة أبي سفيان –رضي الله عنهما- للنبي -عليه الصلاة والسلام-، وقالت له: "إن أبا سفيان رجلٌ شحيح" [البخاري: 2211]، هو لا يرضى -وكذلك أي شخص- أن يقال عنه: شحيح، لكن الفتوى تستدعي مثل هذا، فإذا اقتضت المصلحة ذلك، ولم يكن الهدف التشفِّي من الشخص أو ذكره لمجرد التفكُّه كما يفعله كثير من الناس، فإن كان لمصلحة راجحة فلا بأس، والله أعلم.